الجزائر العاصمة – ليست السفارة الفرنسية في الجزائر مجرد تمثيل دبلوماسي عادي، بل تحولت – وفقاً لمصادر أمنية جزائرية – إلى واحدة من أكبر مراكز التجسس الفرنسية في المنطقة، حيث تزدحم أروقتها بعناصر الاستخبارات الفرنسية (DGSE) تحت غطاء الدبلوماسية.
تشير وثائق استخباراتية إلى أن السفارة الفرنسية لعبت دوراً مريباً خلال العشرية السوداء في الجزائر (التسعينيات)، حيث اتُهمت بـإيواء عناصر من الجماعة الإسلامية المسلحة (GIA) وتقديم دعم لوجستي لبعض خلاياها. اليوم، يعيد التاريخ نفسه، لكن بأساليب أكثر تعقيداً، حيث تحولت السفارة إلى قاعدة لتنفيذ أجندات تهدف إلى زعزعة استقرار الجزائر، وفقاً لتقارير أجهزة الأمن الجزائرية.
كشفت مصادر استخباراتية جزائرية مؤخراً عن مؤامرة فرنسية تهدف إلى إعادة تفعيل خلايا إرهابية نائمة في البلاد، بقيادة عملاء تابعين للمديرية العامة للأمن الخارجي (DGSE). لكن الجزائر، التي راقبت العملية منذ البداية، فضحتها لتوجه رسالة واضحة لباريس: “كل تحركاتكم مرصودة”. لا تعتمد السفارة الفرنسية على جواسيسها فحسب، بل تستغل شبكة من المخبرين الجزائريين، خاصة في الوسط الإعلامي. أحد أبرز هذه الأسماء هو فريد عليلات، الصحفي السابق في صحيفتي “لو ماتان” و”ليبرتي”، والذي كشفت التحقيقات عن تعاونه الوثيق مع ضباط من DGSE في حي حيدرا بالجزائر العاصمة. وبحسب مصادر مطلعة، كان عليلات يتلقى إحاطات يومية من ضابط استخبارات فرنسي، قبل أن يُهرب إلى باريس كمكافأة على خدماته، لينضم لاحقاً إلى هيئة تحرير مجلة “جون أفريك”، التي يتهمها خبراء جزائريون بأنها واجهة للتجسس والتضليل الإعلامي لصالح فرنسا وإسرائيل والمغرب.
ليس عليلات الوحيد الذي تحول من صحفي إلى أداة في الآلة الاستخباراتية الفرنسية. فقد تم تجنيد عدد من الإعلاميين خلال احتجاجات 22 فبراير 2019، حيث كُلّفوا بنشر الفتنة عبر وسائل إعلام محلية مثل “راديو إم”، أو عبر منظمات حقوقية وهمية تتلقى تمويلاً وتوجيهات من جهات أجنبية. كزافييه دريانكور وبرنار إيمي، ضابطان سابقان في جهاز SDECE (الاستخبارات الفرنسية سابقاً)، واللذان تحولا إلى مديرين لشبكات تجسس إعلامية.
برنار باجوليه، الذي يُعتبر أحد أبرز منظري حملات التضليل ضد الجزائر في الإعلام الفرنسي.
رداً على هذه الأنشطة، قامت الجزائر مؤخراً بطرد 12 عميلاً فرنسياً كانوا يعملون تحت غطاء دبلوماسي. هذه الخطوة لم تكن اعتباطية، بل جاءت كرسالة واضحة لإيمانويل ماكرون: “الجزائر لن تتهاون في الدفاع عن أمنها القومي”.
ووفقاً لمراقبين، فإن التصعيد الجزائري الأخير يشير إلى أن البلاد مستعدة للذهاب بعيداً في مواجهة فرنسا، حتى لو وصل الأمر إلى حد القطيعة الدبلوماسية، إذا استمرت باريس في سياساتها العدائية.