أشرف رئيس الجمهورية السيد “عبد المجيد تبون”، اليوم، على الافتتاح الرسمي لأشغال لقاء الحكومة مع الولاة تحت شعار -التنمية المحلية، تقييم وآفاق- بقصر الأمم، نادي الصنوبر، الجزائر. واستهل السيد الرئيس كلمته بالتطرّق إلى الهدف المتوخّى من هذا اللقاء، وهو “إعطاء فعالية أكبر لعمل الجماعات المحلية” وإلى “متابعة مدى تنفيذ القرارات برؤية جديدة بهدف إحداث التغيير اللازم في الذهنيات والممارسات، للقضاء على الممارسات البيروقراطية والطفيلية” مشيرًا إلى ما تحقق من نتائج إيجابية في السنوات الثلاث الماضية بفضل “مشاركة الولاة في حلحلة المشاكل التي كانت تعيق المؤسسات لأسباب بيروقراطية أو فراغات تشريعية”. وأشار رئيس الجمهورية إلى أن الجزائر تمكنت من إرساء معالم جديدة للحوكمة ترتكز على الإنصاف التنموي والصرامة في إدارة الموارد المالية. وفي هذا السياق، شدد على ضرورة مراجعة قانوني البلدية والولاية، مؤكدًا أهمية بناء مؤسسات ديمقراطية حقيقية، ومنح صلاحيات أوسع للمنتخبين المحليين لتعزيز أنماط العمل الحديثة.وأوضح الرئيس تبون أن لجنة خبراء قد تم تنصيبها لتحضير مشروعي قانوني البلدية والولاية، بهدف إزالة العقبات وتحويلها إلى ركيزة للتنمية المحلية. كما أعلن أن القانون الجديد للولاية سيشمل مشاركة المجلس الشعبي الولائي في التسيير المباشر، حيث سيكون رئيس المجلس الشعبي الولائي مسؤولا عن بعض بنود الميزانية وآمرا بالصرف في العمليات التنموية. وأكد السيد الرئيس أن الجهود المبذولة خلال السنوات الثلاث الماضية تكلّلت باستحداث “ما بين 600 و700 وحدة اقتصادية، ما بين مصغرة وصغيرة ومتوسطة وكبيرة، وهو ما ساهم في الرفع من قيمة التنمية المحلية، في ظرف وجيز”، مما وفر 52 ألف منصب شغل. وفي هذا السياق، جدد رئيس الجمهورية دعوته للولاة إلى “التحرر من التردد والتحلي بروح المبادرة والجرأة، خاصة وأن هذه المرحلة، هي مرحلة تحديات استراتيجية قائمة على الأمن الطاقوي، الغذائي والمائي”.طمأن الرئيس تبون الولاة بالقول: “اتخذنا جميع الإجراءات لحمايتكم ودعمكم”، مشيرًا إلى أنهم “ليسوا بحاجة إلى انتظار التعليمات المركزية”، إذ إن الوالي هو المسؤول الأول عن القرارات التي يراها مناسبة.
أكد رئيس الجمهورية أن ابتداءً من عام 2025، سيتم اعتماد نظام جديد في تسيير الجماعات المحلية، يشمل تحديث القوانين المرتبطة بها، بما في ذلك قانون الضرائب. كما أشار إلى أن قانون البلدية الجديد سيعمل على تصنيف البلديات بما يتلاءم مع طبيعتها الحضرية أو الريفية وواقعها التنموي، مع استحداث آليات جديدة لدفع عجلة التنمية، مثل التعاقد بين القطاعين العام والخاص.
أوضح السيد الرئيس أن سنة 2023 ستعرف “زيادة في سرعة الإنجاز وتعزيز المكاسب”، متمنيًا أن تكون “سنة النجاعة والرفع من مستوى المعيشة والقدرة الشرائية وتقليص التضخم”. وأكد أن الدولة تعمل على حماية المواطنين من تبعات الانهيار الاقتصادي العالمي، مع مواصلة رفع الأجور لتبلغ نسبة زيادة 47 بالمئة مع نهاية 2023 وبداية 2024.
وفيما يتعلق بالاستثمارات، جدد الرئيس دعوته للمواطنين الذين يكدسون الأموال في بيوتهم إلى استثمارها، قائلاً: “هذا آخر نداء: استثمروا تلك الأموال لخفض نسبة التضخم ورفع نسبة النمو، ومن خاف الربا فلدينا بنوك، تتعامل بالصيرفة الإسلامية”.
وفي سياق حديثه، طمأن الرئيس تبون الولاة والمسؤولين المحليين بأنهم يتمتعون بالحماية اللازمة أثناء أداء مهامهم، داعيًا إياهم إلى عدم الرضوخ للضغوط أو التهديدات. كما أشار إلى الأخطاء الإدارية التي قد يقع فيها المسؤولون، مؤكدًا أن تلك الأخطاء ستُعامل بموضوعية ما لم تكن فسادًا واضحًا. وجه رئيس الجمهورية الولاة إلى “الإصغاء لانشغالات المواطنين عن قرب لإرساء الطمأنينة لديهم”، داعيًا إلى الاستعانة بالشباب بخصوص القرارات التي تعنيهم، بالتنسيق مع الهيئات التي تمثلهم. وأكد أن الجزائر تمتلك هيئتين تمثلان المجتمع والشباب، هما المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب.
تطرق رئيس الجمهورية أيضًا إلى حملات التشويه التي تستهدف الجزائر، مشيرًا إلى الحملة الأخيرة للترويج لهاشتاغ “مانيش راضي”، التي وصفها بأنها مدعومة من مخابر صهيونية وأطراف مغربية بهدف زعزعة استقرار البلاد. وأشاد برد الجزائريين عبر إطلاق هاشتاغ “أنا مع بلادي”، الذي يعكس وحدة الشعب الجزائري وتمسكه بوطنه.اختتم الرئيس تبون كلمته بالتأكيد على التزام الدولة بحماية إرث الشهداء وبناء الجزائر الجديدة، مشيرًا إلى أن هذه الجهود تعكس الإرادة السياسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة الجزائر كدولة قوية ومستقرة. كما دعا إلى مواصلة العمل المشترك بين الحكومة والولاة لتحقيق هذه الأهداف.هذا اللقاء يعكس رؤية استراتيجية لتطوير التنمية المحلية وتعزيز الحوكمة، في إطار بناء دولة مؤسسات تعتمد على الكفاءة والشفافية لضمان مستقبل أفضل للمواطنين.