فيض زوايا بعين أفقه: عامٌ من الوعود الزائفة وحفرٌ تبتلع الأحلام

djelfaonlaine74 مشاهدة
فيض زوايا بعين أفقه: عامٌ من الوعود الزائفة وحفرٌ تبتلع الأحلام
بقلم - أصوات وصرخات العباد والبلاد

عين أفقه، الجلفة – في قلب منطقة فيض زوايا الهادئة، التابعة لبلدية عين أفقة بدائرة حد الصحاري بولاية الجلفة، يئنّ فلاحوها تحت وطأة ألمٍ مزمنٍ ومعاناةٍ لا تنتهي، وحلمٍ مؤجلٍ اسمه “الكهرباء الفلاحية“. أرضٌ قاحلةٌ تنتظرُ نور الكهرباء لترتوي، وقلوبُ مزارعينَ جفّت من طول الانتظار، بينما تتبخرُ آمالهم على وقعِ وعودٍ لم تُنفذ وحفرٍ مفتوحةٍ تبتلعُ سنواتِ صبرهم.

يعيشُ فلاحو المنطقةِ حالةً من التذمرِ الشديدِ والاستياءِ العارم، بعد سنواتٍ عجافٍ من الشكاوى والمراسلاتِ والنداءاتِ المتكررةِ إلى السلطاتِ المعنية، لكن دون جدوى. وفي بصيصِ أملٍ خادعٍ ظهرَ في العامِ الماضي، حلّ مقاولٌ بالمنطقةِ وشرعَ في أشغالِ الحفرِ لزرعِ أعمدةِ الكهرباءِ الفلاحية. استبشرَ الناسُ خيرًا، وبدأوا يحلمونَ بيومٍ قريبٍ يشغلونَ فيهِ مضخاتِهم ويسقونَ زراعتَهم. لكن سرعانَ ما تلاشى ذلكَ الأملُ الزائفُ، وانقلبَ التفاؤلُ إلى خيبةِ أملٍ مُرة.

فالمقاولُ، بعدَ أن عبثَ بالأرضِ وحفرَها وتركَ آثارَ مشروعٍ لم يكتمل، اختفى فجأةً، تاركًا خلفَهُ حفرًا مبعثرةً ومشاهدَ من الإهمالِ الصارخ، دونَ أن يعرفَ لهُ أثرٌ إلى يومِنا هذا. ترى، أينَ ذهبَ هذا المقاول؟ ولماذا لم يُنجزِ المشروع؟ الأرضُ تنتظرُ، والفلاحونَ أنهكَهُم الصبر. أينَ هي آجالُ الإنجاز؟ وهل هي مجردُ بنودٍ على الورقِ لا يحترمُها أحد؟ من منحَهُ صفقةَ المشروع؟ وهل تمتْ متابعتُهُ قانونيًا بعدَ اختفائه؟ وأينَ هي مديريةُ سونلغازِ بالجلفةِ التي من المفترضِ أن تُشرفَ وتراقب؟

هل تعلمُ مديريةُ الفلاحةِ بهذهِ الفضائح؟ وأن الأراضيَ في فيضِ زوايا مُهددةٌ بالموتِ عطشًا؟ وهل رئيسُ دائرةِ حدِ الصحاري على علمٍ بهذهِ المهزلة؟ هذهِ الأسئلةُ وغيرها يطرحُها المواطنونَ بمرارةٍ، ويطرقونَ بها أبوابَ جميعِ المسؤولين، لكن الصمتَ وحدَهُ يُسمع، وكأن قدرَ فلاحِ فيضِ زوايا أن يُتركَ وحيدًا في صراعِهِ المريرِ مع العطشِ والعطالة.

والغريبُ في الأمرِ أن هذا يحدثُ في وقتٍ تتعالى فيهِ نداءاتُ رئيسِ الجمهوريةِ السيد عبد المجيد تبون وتوصياتُهُ المتكررةُ بالعنايةِ بمناطقِ الظلِ ورفعِ الغبنِ عن الفلاحينَ ودعمِ القطاعِ الزراعيِ باعتبارهِ ركيزةَ الاقتصادِ الوطني. فهل فيضُ زوايا ليستْ من مناطقِ الظل؟ أم أن صدى تعليماتِ الرئيسِ لا يصلُ إلى الجلفة؟ أينَ هي الدولةُ من هذا التسيب؟ أينَ هي الرقابة؟ أينَ هي التحقيقات؟ وأينَ هو الضميرُ المهني؟

لقد أكدَ رئيسُ الجمهوريةِ مرارًا أن دعمَ الفلاحينَ أولويةٌ، وأن المناطقَ النائيةَ يجبُ أن تكونَ في صلبِ اهتمامِ المسؤولينَ المحليين. لكن يبدو أن فيضَ زوايا قد سقطتْ من خريطةِ الاهتمامِ وغرقتْ في مستنقعِ الوعودِ الكاذبة. توصياتُ الرئيسِ كانتْ واضحةً بتسريعِ مشاريعِ الكهرباءِ الفلاحيةِ، والقضاءِ على البيروقراطيةِ التي تخنقُ المبادراتِ، ومعاقبةِ كلِ مسؤولٍ يُقصرُ أو يتسببُ في تعطيلِ المشاريعِ التنموية، وكذا حمايةِ الفلاحِ وتمكينِهِ من الإنتاج. فأينَ هذهِ التوصياتُ من واقعِ فيضِ زوايا؟ من يُحاسبُ مقاولًا هربَ بعدَ أن دمرَ الأرضَ وتركَها مُحطمة؟ من يُواسي فلاحًا حُرِمَ من أبسطِ شروطِ الزراعة؟ من يُرجعُ الأملَ لعائلاتٍ علقتْ مصيرَها على كهرباءٍ لم تأت؟

إن ما يحدثُ في فيضِ زوايا ليسَ فقط تأخرًا في مشروعٍ، بل هو جريمةُ صمتٍ وتهاونٍ في حقِ فئةٍ تُعاني وتُنتجُ وتُكافحُ في ظروفٍ مناخيةٍ وجغرافيةٍ قاسية. والأخطرُ أن هذا التسيبَ يُهددُ الأمنَ الغذائيَ المحليَ، ويؤثرُ سلبًا على اقتصادِ المنطقةِ، ويُساهمُ في تهجيرِ سكانِ الأريافِ نحو المدنِ بحثًا عن لقمةِ عيشٍ تروى بالكهرباءِ لا بالوعود.

الرسالةُ اليومَ موجهةٌ إلى السلطاتِ العليا في البلادِ ولكلِ مسؤولٍ شريف: انزلوا إلى فيضِ زوايا، انظروا في أعينِ الفلاحين، احفروا في وجوهِهم خيبةَ الأمل، لا تكتفوا بالتقاريرِ الورقيةِ، فالحقيقةُ مدفونةٌ في الحفرِ التي تركَها المقاولُ وغادر.

#نداء_إلى_رئيس_الجمهورية: فيضُ زوايا تُناديكم، فلا تتركوا الفلاحينَ فريسةً للإهمالِ والمقاولينَ الهاربين. نحنُ نثقُ أنكم معَ المواطن، نثقُ أن الجزائرَ الجديدةَ لا تقبلُ باللامبالاة، نثقُ أن صوتَ فيضِ زوايا سيصل، لكننا نرجو أن يصلَ قبلَ أن يرحلَ ما تبقى من أمل.

المصدر الجلفة أونلاين
الرئيس تبون يوجه رسالة للأمة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق