شهدت ولاية الجلفة خلال اليومين الماضيين موجة تساقطات مطرية معتبرة، تسببت في غمر عدة طرقات، تعطيل حركة المرور، وتسجيل حالات تدخل عاجلة لإنقاذ مواطنين جرفتهم السيول. وكشفت هذه الأمطار، كما في مرات سابقة، هشاشة البنية التحتية وغياب شبكات صرف فعالة قادرة على امتصاص الكميات المتهاطلة.
في مواجهة هذا الوضع، تحرّك والي الولاية جهيد موس صباح الأربعاء 24 سبتمبر 2025 ميدانيًا إلى كل من بلدية بن يعقوب ومنطقة بن حامد ببلدية تعظميت، رفقة رئيسي دائرتي عين الإبل والشارف، مدير الأشغال العمومية والمصالح الأمنية. الزيارة الميدانية سمحت بمعاينة وضعية الطريق والجسرين المتضررين جراء السيول، وتسجيل النقاط السوداء التي ظلت تتكرر مع كل اضطراب جوي.
وقد شدّد الوالي على رفع مخلفات الأمطار من الأتربة والطمي والحجارة، وتنظيف وتطهير الطرق لفتح حركة المرور بالسرعة المطلوبة، ومرافقة وتأمين المواطنين ومستعملي الطريق العام خلال تنقلاتهم، وضمان انسيابية المركبات خصوصًا في النقاط المقطوعة والمعرضة للانجراف، مع تسخير فرق تقنية وأمنية على مدار الساعة لمراقبة الوضع وضمان التدخل الفوري عند الحاجة.
إلى جانب ذلك، تدخلت مصالح الحماية المدنية والجيش الوطني الشعبي لإنقاذ أشخاص غمرتهم السيول في بلدية دلدول، فيما باشرت المصالح المختصة عمليات شفط المياه، تسريح البالوعات، ورفع الأتربة من الأرصفة والمحاور الرئيسية. هذه الاستجابة السريعة قلّصت من حجم الخسائر وسمحت بعودة تدريجية لحركة السير في عدد من الطرق.
ورغم هذه الجهود، يظل السؤال قائمًا حول أسباب تكرار نفس المشهد مع كل اضطراب جوي. المواطنون يؤكدون أن الحديث عن ضعف صيانة الطرقات والبالوعات لم يعد مقبولًا بعد كل هذه السنوات من التكرار. فهل السبب في رداءة الإنجاز، أم في غياب الرقابة على المقاولات، أم في غياب متابعة البلديات للملفات التقنية التي تمسّ مباشرة حياة السكان؟
على خلاف الزيارات الشكلية التي عرفتها الجلفة في مراحل سابقة، أظهر تحرّك الوالي هذه المرة صرامة وحرصًا على سدّ الثغرات التي كثيرًا ما تحولت إلى بؤر معاناة موسمية، حيث أسدى تعليمات مباشرة بمتابعة أشغال إعادة التهيئة، وإلزام المقاولات بالتقيد بالمعايير التقنية، مع رفع تقارير دورية عن تقدم الأشغال. كما وجّه المصالح التقنية إلى إعادة تقييم شبكات الصرف في بعض الأحياء والمناطق الريفية التي تتعرض باستمرار لانجراف التربة وانسداد البالوعات.
التحرك الأخير للوالي إيجابي ويعكس إرادة لتدارك النقائص السابقة، لكنه يظل خطوة أولى فقط في مسار طويل يتطلب رؤية شاملة تعالج المشكل في جذوره. فالأمطار ليست استثناءً مناخيًا، بل ظاهرة طبيعية متكررة، وكان من المفترض أن تُبنى المشاريع والطرقات منذ البداية على أسس قادرة على تحمّل هذه الظروف. ويبقى المواطن في النهاية الحكم الحقيقي على هذه الجهود: هل ستتحوّل الزيارة الميدانية إلى بداية لمعالجة جذرية ونهائية، أم أنها ستبقى مجرد رد فعل مؤقت ينتهي مع انقشاع الغيوم؟