في خطوة تحمل أكثر من دلالة، تستعد ولاية الجلفة هذا السبت 8 نوفمبر 2025 لاستقبال رئيسة المرصد الوطني للمجتمع المدني في جلسات مخصصة لجمعيات لجان الأحياء والقرى.
الزيارة المرتقبة تأتي في سياق خاص، إذ يرى مراقبون أنها محاولة لإعادة بناء الثقة واسترجاع الصورة بعد الضجة الإعلامية الأخيرة التي رافقت أداء المرصد، فيما يقرأ آخرون الحدث بوصفه استحقاقًا ميدانيًا طال انتظاره لترجمة الوعود إلى فعل جمعوي ملموس.
المرصد الوطني للمجتمع المدني تأسس ليكون هيئة استشارية لدى رئيس الجمهورية، عقب التعديل الدستوري لسنة 2020، ثم المرسوم الرئاسي رقم 21-139 الذي حدد مهامه وتنظيمه.
وقد أُنيطت به مهمة ترقية العمل الجمعوي وتفعيل المشاركة المجتمعية، غير أن الواقع أظهر فجوة بين الرؤية الطموحة والنتائج الميدانية، ما فتح الباب أمام انتقادات إعلامية وجمعوية ركزت على ضعف الأداء وغياب الأثر المباشر في تحسين واقع الجمعيات.
خلال الأسابيع الماضية، تصاعد الجدل حول أداء المرصد الوطني للمجتمع المدني، بعد أن أبدت عدة جمعيات محلية وإعلاميون تخوفهم من تحوّل المؤسسة إلى واجهة رمزية أكثر من كونها هيئة فعالة. وتداولت منصات التواصل انتقادات تتعلق بـ“ضعف التواصل الميداني”، و“غياب المتابعة الفعلية لجلسات التشاور”، و“هيمنة البعد الترويجي على حساب النتائج”.
هذه الانتقادات المتزايدة جعلت من الظهور الميداني المرتقب بالولايات ضرورة لاحتواء الجدل واستعادة المبادرة. اختيار ولاية الجلفة لهذه الجلسات ليس وليد الصدفة؛ فهي من أكثر الولايات نشاطًا على المستوى الجمعوي، وتضم طيفًا واسعًا من لجان الأحياء والقرى والجمعيات النشطة التي شكلت خلال السنوات الأخيرة أحد أبرز الفاعلين المحليين في التنمية والتضامن. وبذلك، يُتوقع أن تكون الزيارة اختبارًا حقيقيًا لقدرة المرصد على التواصل الفعلي مع القاعدة، بعيدًا عن الأطر الشكلية.
-
فتح قنوات مباشرة مع المجتمع المدني: إشارة إلى أن المؤسسة بدأت تدرك أهمية الإصغاء الميداني.
-
تأكيد الشراكة مع الدولة: في محاولة لربط الخطاب الرسمي حول “المجتمع المدني شريك في التنمية” بواقع عملي ملموس.
-
إعادة تلميع الصورة المؤسسية: خطوة رمزية لتخفيف التوتر الإعلامي الذي رافق الأشهر الأخيرة.
-
هل ستتحول الجلسات إلى بداية فعلية لتصحيح المسار أم مجرد حدث بروتوكولي؟
-
هل سيُعلن المرصد عن خارطة طريق واضحة بآجال ومؤشرات متابعة؟
-
وهل ستكون الجلفة نموذجًا يُبنى عليه في ولايات أخرى أم محطة عابرة لاحتواء الجدل؟
إنّ الزيارات الميدانية – رغم أهميتها – لا يمكن أن تكون بديلاً عن السياسات الممنهجة والمتابعة المؤسساتية. لذلك، فإن الرهان الحقيقي أمام المرصد يكمن في تحويل الحضور الميداني إلى التزام دائم بالشفافية والمحاسبة، مع الإعلان عن نتائج ملموسة وتوصيات قابلة للقياس. المرحلة القادمة تتطلب أن يكون المرصد منصة حقيقية للتعبير الجمعوي والتأطير المدني، لا مجرد واجهة اتصال إعلامي. ىفي المحصلة، تمثل زيارة المرصد إلى الجلفة يوم السبت القادم أكثر من حدث عابر؛ إنها اختبار ميداني لمؤسسة استشارية وُلدت بآمال كبيرة وتواجه اليوم تحديات الثقة والمصداقية.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستكون الجلفة نقطة الانطلاق لإحياء العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني، أم مجرّد مشهد مؤقت في سجلّ اللقاءات الرسمية؟



















