الجلفة أونلاين

العلاقات الجزائرية الروسية: تحديات وتطلعات في ظل التوترات الإقليمية

العلاقات الجزائرية الروسية: تحديات وتطلعات في ظل التوترات الإقليمية

شهدت العلاقات الجزائرية الروسية تطورات ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة، حيث ظهرت تحديات جديدة في ظل تحولات إقليمية معقدة. ويبدو أن التعاون التقليدي بين البلدين يواجه اختبارًا حقيقيًا مع تزايد التدخل الروسي في منطقة الساحل والصحراء، التي تمثل عمقًا استراتيجيًا وأمنيًا حيويًا للجزائر.

يُعتبر التواجد الروسي المتنامي في منطقة الساحل الأفريقي، خاصة عبر مجموعة فاغنر (التي أعيد تنظيمها تحت مسمى اللواء الأفريقي الروسي)، مصدر قلق كبير للجزائر. إحدى أبرز الحوادث التي سلّطت الضوء على هذه القضية كانت العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الجيش المالي بدعم من فاغنر ضد مدينة تيزاواتين، الواقعة على الحدود الجزائرية. أسفرت هذه العمليات عن سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وهو ما أثار قلق الجزائر بشأن التداعيات المحتملة على استقرار حدودها الجنوبية.

في ليبيا، يبرز الدعم الروسي للجنرال خليفة حفتر كعنصر مؤثر في مسار الأزمة السياسية. الجزائر، التي دعت مرارًا إلى الحوار بين الأطراف الليبية دون تدخل أجنبي، تجد نفسها أمام واقع يعقّد جهودها لتحقيق الاستقرار في الجارة الجنوبية. وبينما يواصل المجتمع الدولي دعمه لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، تظل موسكو تدعم الأطراف المعارضة، مما يعزز حالة الجمود السياسي ويُبقي البلاد في دوامة من عدم الاستقرار.

وسط هذه التحديات، التقى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بنظيره الروسي سيرغي لافروف في عدة مناسبات، أبرزها على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة ومؤتمر الشراكة الروسي-الأفريقي في سوتشي. ركزت المحادثات على تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين ومناقشة الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الوضع في الساحل والصحراء، والأزمة الليبية، والنزاع العربي-الإسرائيلي.

ووفقًا لبيان وزارة الخارجية الروسية، أكد الطرفان على أهمية الحوار والتنسيق المشترك في المحافل الدولية، مع التشديد على ضرورة حل النزاعات بالطرق الدبلوماسية والسياسية ووفق مبادئ الشرعية الدولية.

على الرغم من التوترات الأخيرة، يظل التعاون الجزائري الروسي قائمًا على أسس استراتيجية متينة. فالجزائر تعد شريكًا رئيسيًا لموسكو في شمال أفريقيا، خاصة في مجالات الطاقة والدفاع. وفي المقابل، تدرك الجزائر أهمية استمرار الحوار مع روسيا لتحقيق توازن في علاقاتها الدولية وحماية مصالحها الإقليمية.

في ظل التحديات الإقليمية الراهنة، يتطلب الحفاظ على العلاقات الجزائرية الروسية تبني نهج أكثر مرونة وشمولية. يجب على البلدين تعزيز التنسيق الثنائي لمواجهة القضايا المشتركة، مع احترام المصالح الحيوية لكل طرف. وفي الوقت نفسه، يظل الاستقرار الإقليمي هدفًا أساسيًا يستدعي تعاونًا بناءً بين القوى الدولية والإقليمية لتحقيقه.

 

المصدرالجلفة أونلاين
Exit mobile version