في ظل التغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، يواجه النظام المغربي تحديات غير مسبوقة قد تُنذر بتغيير جذري في المشهد السياسي والاجتماعي. فقد أظهرت الأصداء الواردة من بعض المنظمات المغربية والمراقبين السياسيين أن “نظام المخزن” يعيش مرحلة عصيبة، وسط تساؤلات حول استقراره السياسي في ظل المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة ، وفي الوقت الذي تتداعى فيه الأنظمة الاستبدادية في المنطقة، وبالأخص في سوريا بعد سنوات من الصراع، تجد بعض القوى المعارضة في المغرب فرصة لاستلهام الدروس من هذا الواقع ، حيث سقوط النظام السوري، الذي طالما اعتُبر حجر الزاوية في الاستبداد العربي، قد يُحبط الثقة في الأنظمة التي تعتمد على نفس الأساليب. وحتى وإن كانت الظروف في المغرب مختلفة، إلا أن بعض المراقبين يرون أن الانتفاضات الشعبية في المنطقة قد تجد صدى لها في شوارع المملكة، إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه ، وواحدة من أبرز التحديات التي تواجه النظام المغربي اليوم هي الأوضاع الاقتصادية المتردية. ارتفاع نسبة البطالة بشكل مستمر، خاصة بين الشباب، وهذا يعكس أزمة اقتصادية عميقة تترك آثارها على مختلف شرائح المجتمع، كما يرى كثير من الخبراء أن هذا الوضع يُعد بمثابة قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي لحظة إذا استمرت الحكومة في التقليل من خطورة الوضع ،وفي السنوات الأخيرة، شهدت المدن المغربية مظاهرات متفرقة تعبر عن سخط المواطنين بسبب الظروف المعيشية الصعبة. فالفقر المدقع، الذي يؤثر على أعداد كبيرة من السكان، إلى جانب تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، يجعل الوضع أكثر هشاشة. الأزمات الاقتصادية لا تقتصر على البطالة فقط، بل تشمل أيضاً ارتفاع الأسعار، وغياب فرص التعليم والتوظيف، وهو ما يخلق حالة من الاحتقان الاجتماعي ، ولهذا النظام المغربي الذي طالما اعتمد على شبكة من الولاءات السياسية والاقتصادية، يواجه الآن تحديات غير مسبوقة على مستوى الشرعية الشعبية. ففي ظل تنامي الحركة الاحتجاجية، خصوصًا في مناطق مثل الريف وزاكورة، بدأت أصوات المعارضة تتعالى مطالبة بإصلاحات سياسية حقيقية. ورغم بعض الخطوات الإصلاحية التي قام بها النظام، مثل دستور 2011، إلا أن المراقبين يعتبرون أن هذه الإصلاحات ظلت محدودة ولم تُترجم إلى تغييرات حقيقية على أرض الواقع.
في هذا السياق، تعيش العائلة الملكية حالة من القلق، خاصة في ظل المخاوف من اندلاع ثورة شعبية مشابهة لتلك التي أطاحت بأنظمة أخرى في المنطقة. وعلى الرغم من أن هناك تقارير تشير إلى محاولات لتطويق الاحتجاجات، فإن الكثير من المراقبين يرون أن “نظام المخزن” قد يكون في آخر أيامه، خصوصًا إذا استمرت السياسات الحالية دون تقديم حلول جذرية للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية ، حيث يبدو أن المغرب في مفترق طرق ،من جهة يواجه النظام الحاكم تحديات داخلية كبيرة تتعلق بالاقتصاد والشرعية الشعبية. ومن جهة أخرى، تتداخل هذه التحديات مع التحولات الإقليمية التي قد تؤدي إلى صراع أكبر على السلطة. إذا استمر النظام في تجاهل مطالب الشعب وتفادي الإصلاحات الحقيقية، فقد يجد نفسه أمام موجة احتجاجات تهدد استقراره، كما يبقى السؤال المطروح؟ هل سيتمكن النظام المغربي من الاستمرار في تسيير الأمور كما اعتاد، أم أن الوضع سيشهد تغييرات جذرية تعيد رسم خريطة السياسة في المملكة؟
زريعة الحواس