تشهد بلدية دار الشيوخ بولاية الجلفة أزمة جديدة بعد فشل المجلس الشعبي البلدي للمرة الثانية في تمرير المداولة المبرمجة، وهو ما يعكس حالة انسداد واضحة داخل الهيئة المنتخبة. الجلسة التي انعقدت بحضور المنتخبين وممثلين عن المجتمع المدني، انتهت برفض أغلبية الأعضاء لجدول الأعمال الذي تضمّن مشاريع ذات طابع عمومي، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة مشهد التعثر التنموي الذي عرفته البلدية في أكثر من مناسبة.وراء هذا الانسداد تقف جملة من الخلافات العميقة بين الكتل الممثلة داخل المجلس، إضافة إلى تباين واضح في المواقف تجاه طريقة تسيير الرئيس المستخلف المنتمي لحزب “تاج”. فبينما يرى بعض الأعضاء أن المشاريع المعروضة على المداولة لا تحظى بالشفافية الكافية من حيث التفاصيل والتمويل، يذهب آخرون إلى أن الأزمة تتجاوز النقاش حول مضمون المشاريع لتأخذ طابعًا سياسيًا ومصلحيًا، حيث تتحول جلسات المداولة أحيانًا إلى مجال لتبادل الضغوط والمساومات.هذا الوضع لم ينعكس فقط على صورة المجلس البلدي، بل أثّر بشكل مباشر على المواطن البسيط الذي يبقى الضحية الأولى لتعطّل القرارات. فالمشاريع التي كان يُفترض أن تساهم في تحسين الخدمات أو توفير المرافق الأساسية تبقى معلّقة، فيما يتزايد شعور السكان بأن التنمية رهينة خلافات داخلية لا علاقة لها باحتياجاتهم اليومية. شهادات من بعض سكان دار الشيوخ تلخص هذه النظرة، حيث يعتبرون أن ما ينتظرونه من المنتخبين هو حلول ملموسة للمشاكل القائمة، لا الدخول في صراعات لا تنعكس على الواقع الميداني.من الناحية المؤسسية، يطرح هذا الانسداد تساؤلات حول فعالية آليات الرقابة والوصاية. فالمفروض أن يكون المجلس فضاءً للحوار والتوافق حول المصلحة العامة، غير أن غياب الشفافية في عرض الملفات وغياب آليات ناجعة لحسم الخلافات يحول دون ذلك. كما أن تدخل السلطات الوصية يبقى محدودًا في ظل تعقّد الوضع الداخلي للمجلس، وهو ما يجعل الأزمة تتكرر دون حلول جذرية. الخلاصة أن ما تعيشه دار الشيوخ اليوم ليس مجرد تعطل في مداولة عابرة، بل انعكاس لأزمة أعمق في التسيير المحلي، حيث تتحول المشاريع العمومية أحيانًا إلى موضوع تجاذب بدل أن تكون أداة لخدمة السكان. وإذا استمر غياب الحوار الجاد والالتزام بالشفافية، فإن المواطن سيبقى يدفع ثمن هذا الانسداد، في وقت تحتاج فيه البلدية إلى كل جهد لتحقيق تنمية طال انتظارها.