بن سرور: حين تعلو راية التعصب على صوت الوطن

djelfaonlaine45 مشاهدة
بن سرور: حين تعلو راية التعصب على صوت الوطن
بقلم - أصوات وصرخات العباد والبلاد

المسيلة – مشهدٌ مؤلمٌ ومؤسفٌ شهدته منطقة بن سرور بولاية المسيلة، حيث تحولت حماسة كرة القدم إلى عنفٍ وتراشقٍ بين أنصار فريق مولودية الجزائر وبعض شباب المنطقة. ما حدث لم يكن مجرد شجارٍ عابر، بل هو جرحٌ غائرٌ في جسد وحدتنا الوطنية، وصفعةٌ موجعةٌ على قيمِ الأخوة والتآزر التي نشأنا عليها.

حالةٌ من الهلع والتذمر، وجوهٌ مذعورة، وأصواتٌ مرتفعةٌ تعكسُ غضبًا دفينًا، وسياراتٌ محطمةٌ تشهدُ على فورةِ غضبٍ غيرِ مبرر، وقلوبٌ مكسورةٌ تتساءل: إلى متى سيظل التعصب الرياضي أقوى من حب الوطن؟

هل فقدنا القدرة على التمييز بين التشجيعِ والانفلات؟ بين الحماسةِ والتخريب؟ منذ متى تحولت الرياضة، التي يفترضُ بها أن تكونَ رسالةَ محبةٍ وسلام، إلى ساحةِ صراعٍ وعنفٍ أعمى؟

إن الاعتداءات التي شهدناها، من تخريبٍ جسديٍ ونفسيٍ ومادي، ليست موجهةً فقط ضد الأشخاص الذين تعرضوا لها، بل هي اعتداءٌ على الجزائرِ بأكملها، على كلِ أمٍ تنتظرُ عودةَ ابنها سالمًا، وعلى كلِ أبٍ يحلمُ بوطنٍ آمن، وعلى كلِ طفلٍ لا يفهمُ لماذا يتشاجرُ الكبارُ بهذا الشكلِ المؤلم.

من المسؤول؟ ومن المستفيد؟ أينَ هي عقولُ شبابنا وهم يسمحون للغضبِ أن يتغلبَ على الحكمة؟ أينَ هي ضمائرُنا ونحنُ نغضُ الطرفَ عن هذا الانحدارِ في السلوك؟ هل نريدُ أن نُعرفَ كجيلٍ يُحطمُ ولا يُعمّر، يُسيءُ ولا يُصلح؟

ألا نخجلُ حينَ نرى صورَ شبابِنا يتراشقونَ بالحجارةِ ويتبادلونَ الشتائمَ والضرب، بينما يفترضُ أنهم أبناءُ وطنٍ واحد؟ الجزائرُ أكبرُ من كلِ فريقٍ وأغلى من كلِ شعار! بن سرور وبسكرة والجزائرُ العاصمة، كلنا أبناءُ أرضٍ واحدة، نشربُ من نفسِ الماءِ ونتنفسُ من نفسِ الهواء. كيفَ لنا أن نصلي في نفسِ القبلةِ ثم نتقاتلُ على مدرجٍ أو طريق؟

أيها الشباب، أيتها الجماهيرُ الوفية، لقد آنَ الأوانُ لنقفَ وقفةَ رجلٍ واحدٍ ونقول: كفى! كفى عنفًا! كفى تهورًا! كفى تغليبًا للعاطفةِ على العقل! لننشرْ ثقافةَ التسامحِ بدلَ ثقافةِ الانتقام، ولنُحيي قيمَ الرياضةِ الحقيقية: احترامُ الآخرِ والروحُ الرياضيةُ والتنافسُ الشريف.

ضبطُ النفسِ ليسَ ضعفًا، بل هو قمةُ القوة، والتعقلُ ليسَ تنازلاً، بل هو شجاعة. كلنا خاسرونَ حينَ يسقطُ أحدُنا، وكلنا رابحونَ حينَ نرفعُ بعضَنا البعض. نعم، الجزائرُ تجمعُنا لا تفرقُنا! نعم، الرياضةُ أخلاقٌ وليست معركة! نعم، نحنُ إخوةٌ قبلَ أن نكونَ مشجعينَ أو أنصار!

فهل من صوتٍ عاقلٍ يرتفعُ وسطَ ضجيجِ الغضب؟ هل نملكُ من الشجاعةِ ما يكفي لنعتذرَ لبعضِنا؟ هل نملكُ من الوعيِ ما يجعلُنا نُربي الجيلَ القادمَ على المحبةِ لا الكراهية؟ هل نريدُ فعلاً أن نتركَ وراءَنا وطنًا أفضلَ أم جراحًا أعمق؟

فلنجبْ بصدق، لأن التاريخَ يُسجل، ولنتعقل، لأن الجزائرَ تستحقُ الأفضل!

المصدر الجلفة أونلاين
الرئيس تبون يوجه رسالة للأمة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق