في خطوة مفاجئة وذات دلالات عميقة، أصدر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اليوم الاثنين مرسوماً رئاسياً أنهى بموجبه مهام وزير الاتصال السابق محمد عرقاب، ليُعيّن الدكتور محمد مزيان وزيراً جديداً للاتصال. القرار جاء بعد استشارة الوزير الأول نذير العرباوي، ويُتوقع أن يفتح هذا التعيين آفاقاً جديدة لتطوير قطاع الإعلام الجزائري، الذي يمر بمرحلة مفصلية تتطلب إصلاحات جذرية.
يُعد محمد مزيان من الشخصيات البارزة التي تجمع بين الخبرة الأكاديمية والدبلوماسية. فهو حاصل على دكتوراه دولة في علوم الإعلام والاتصال من جامعة الجزائر (2001)، إضافة إلى ماجستير في الصحافة (1994). هذه الخلفية العلمية تمنحه قدرة استثنائية على فهم التحديات والفرص التي يواجهها الإعلام في ظل التحولات الرقمية.
على الصعيد المهني، شغل مزيان مناصب دبلوماسية رفيعة، أبرزها سفير الجزائر لدى موزمبيق وإسواتيني وملاوي (2019)، ومستشار في سفارة الجزائر بالرباط (2001-2005). كما تقلّد مناصب أكاديمية منها أستاذ بمعهد الصحافة في بن عكنون (1994-1998) وأستاذ بمعهد التاريخ بجامعة الجزائر (1992-1994).
الإعلام في قلب الدبلوماسية الوطنية
يُعرف عن مزيان اهتمامه العميق باستخدام الإعلام كأداة للدبلوماسية الثقافية والتأثير الدولي. فقد كان عضوًا في وفود جزائرية بارزة، مثل الاجتماع الوزاري لمنتدى تعاون الهند والعالم العربي في المنامة (2016)، والمؤتمر العربي لرواد الشبكات الاجتماعية في دبي (2018). كما شغل منصب نائب المنسق الأول للمجلة الجزائرية للاتصالات (1995-1998)، مما يؤكد اهتمامه بتطوير المشهد الإعلامي الوطني.
تحديات تنتظر الوزير الجديد
يعاني قطاع الإعلام الجزائري من مجموعة من التحديات التي تتطلب قيادة حاسمة ومبدعة:
- تحديث البنية التحتية للإعلام الرقمي: ما زال القطاع بحاجة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية لتعزيز دوره في المجتمع.
- تعزيز حرية الصحافة: مع الحفاظ على المسؤولية الاجتماعية للإعلام.
- رفع كفاءة الموارد البشرية: من خلال برامج تدريبية تُجهّز الصحفيين والمهنيين للعمل في بيئة إعلامية متطورة.
يعكس تعيين محمد مزيان رغبة القيادة الجزائرية في ضخ دماء جديدة في قطاع الإعلام، مع التركيز على استخدام المعرفة الأكاديمية والخبرة الدبلوماسية لتحديث القطاع وتعزيز مكانة الجزائر إعلاميًا وإقليميًا. بفضل خبرته المتنوعة، يُتوقع أن يعمل الوزير على بناء إعلام وطني قوي يدعم مسيرة التنمية ويُحسّن صورة الجزائر على المستوى الدولي.
قرار تعيين الدكتور محمد مزيان وزيرًا للاتصال يُعتبر خطوة استراتيجية نحو مستقبل أكثر إشراقًا للإعلام الجزائري. يبقى السؤال الأهم: هل سينجح الوزير الجديد في تحقيق هذه الطموحات الكبيرة؟ الإجابة تتوقف على قدرته على تفعيل إصلاحات شاملة تلبي احتياجات المرحلة المقبلة وتضع الإعلام الجزائري في مكانة متقدمة إقليميًا ودوليًا.