دار الشيوخ تسأل: من يعطل البلدية..؟ ولماذا..؟ ولصالح من..؟

djelfaonlaine21 أكتوبر 2025
دار الشيوخ تسأل: من يعطل البلدية..؟ ولماذا..؟ ولصالح من..؟

في مشهد عبثي لا يليق بمؤسسة منتخبة تمثل المواطن، شهدت بلدية دار الشيوخ بولاية الجلفة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 واحدة من أكثر الجلسات حرجًا في تاريخها، بعدما تحولت قاعة المداولات من فضاء لاتخاذ قرارات تنموية إلى ساحة للتجاذبات والمناورات التي انتهت برفض مداولة مصيرية كانت ستمنح البلدية نفسًا جديدًا في مشاريعها الحيوية.

المداولات التي حضرناها كمؤسسة إعلامية عبر قناة الجلفة TV وجريد الجلفة اونلاين لم تكن مجرد جلسة عادية، بل كانت امتحانًا حقيقيًا لمدى التزام المنتخبين بمسؤولياتهم تجاه المواطن الذي وضع ثقته فيهم. إلا أن ما حدث كشف حجم الخلل العميق داخل المجلس الشعبي البلدي، حيث بدا واضحًا أن المصلحة العامة سقطت رهينة المزاج الشخصي والتكتلات الخفية.

الموضوع لم يكن سياسيًا ولا حزبيا، بل تقني بحت، إذ كان جدول أعمال الجلسة يتضمن نقاطًا تنموية أساسية تتعلق بالمصادقة على رفع نسبة الاقتطاع لسنة 2025، والمصادقة على إسناد صفقات في إطار ADSEC وCGSCL بعنوان السنة ذاتها، وهي قرارات تُعدّ في جوهرها امتدادًا لمسار التنمية المحلية الرامي إلى تعبيد الطرقات وتهيئة الأحياء وتحسين المرافق العمومية وتوفير التمويلات الضرورية لدفع المشاريع المتعثرة. لكن، وبشكل مفاجئ، تحولت الجلسة إلى عرس للتعطيل الجماعي بعدما تم إسقاط المداولة بأغلبية 12 صوتًا من أصل 19، في موقف أثار استغراب الرأي العام المحلي وصدم حتى بعض الأعضاء أنفسهم الذين لم يستوعبوا من أين جاءت موجة الرفض المفاجئة.

التحقيقات الميدانية التي أجريناها أكدت أن ما جرى لم يكن قرارًا جماعيًا حرًا، بل نتيجة تأثير شخص واحد داخل المجلس يوصف من قبل بعض المتابعين بأنه مهندس الفوضى، استطاع بخيوط خفية أن يقود الأغلبية من خلف الستار. هذا العضو، الذي يفترض أن يكون عنصر توازن داخل المجلس، تحوّل إلى محرّك للتكتلات ومصدر للأزمات، مفضّلًا لغة “القمز والتعليمات الهاتفية” على النقاش القانوني والشفافية المؤسسية. ”

في خضم هذا العبث، وجد رئيس المجلس الشعبي البلدي المستخلف نفسه أمام مشهد يفرغ العمل الجماعي من معناه. الرجل الذي عرف عنه الهدوء والانضباط والتمسك بالقانون ، لكنه اصطدم بجدار من الرفض . المير المستخلف، لم يتعامل بردود فعل انفعالية، بل اختار أن يلتزم بالقانون وأن يحافظ على هدوئه . فهو يدرك أن المعركة الحقيقية ليست داخل القاعة، بل في الميدان حيث ينتظر المواطنون تعبيد طريق أو إنجاز مشروع صرف صحي أو إنارة حي منسي. 

حين تصبح المداولات القانونية رهينة حسابات ضيقة، فالمسألة تتجاوز السياسة لتصل إلى خيانة للأمانة الانتخابية. فالمواطن حين صوّت لأعضاء المجلس، لم يطلب منهم الولاء لهذا أو ذاك، بل طالبهم بخدمة المصلحة العامة. غير أن ما حدث في دار الشيوخ يكشف أن بعض المنتخبين قرروا معاقبة البلدية لأنها لم تساير أهواءهم، وكأن التنمية أصبحت ورقة ضغط لتصفية الحسابات. السؤال الجوهري الذي يطرحه الشارع اليوم هو من يمنح وهنا يبرز السؤال الأخطر الذي يتداوله الشارع المحلي اليوم: هل يُعقل أن تتحول إرادة مجلس منتخب إلى صدى لصوت عضو واحد فقط؟ عضو جعل من نفسه ناطقًا باسم 11 آخرين، وامتلك بجرّة مزاج الحق في تعطيل مشاريع بلدية كاملة كانت ستخدم المواطن وتدفع بعجلة التنمية إلى الأمام.
بأي منطق تُلغى قرارات تنموية قانونية أعدّت في إطار واضح وشفاف فقط لأن هذا العضو قرر الرفض؟
ومن يقف وراء هذا المخطط الخفي الذي يسعى لإغراق البلدية في الفوضى وتعطيل مؤسساتها من الداخل؟

مصادرنا داخل المجلس تحدثت عن مخطط صامت هدفه إضعاف المير المستخلف ودفعه إلى الفشل لإجباره على الاستقالة تمهيدًا لاسترجاع السيطرة على البلدية. الأسلوب بسيط وخطير في الوقت ذاته: تعطيل المداولات، عرقلة الصفقات، إثارة البلبلة، ثم تحميل الرئيس المسؤولية. هذه اللعبة، وإن بدت تكتيكية، إلا أنها تمس بشكل مباشر مصالح المواطن الذي ينتظر الماء والغاز والطريق لا الصراعات الجوفاء. وفي بلدية كدار الشيوخ، حيث كل مشروع تنموي هو شريان حياة للأحياء المهمشة، فإن تعطيل أي مداولة يعني ببساطة تجميد مستقبل المنطقة بأكملها.

رفض المداولات ليس مجرد إجراء إداري، بل هو انحراف سياسي خطير عندما يُستخدم كسلاح لتصفية الحسابات. لقد شهدنا في هذه الدورة كيف تحوّلت الأغلبية إلى قطيع سياسي يُقاد بالضغط لا بالقناعة، في مشهد يعكس غياب الوعي الجماعي وروح المسؤولية. إن أكبر ضحية في هذه المسرحية هو المواطن الذي أصبح يشاهد مصيره يُقرّر في كواليس مغلقة وبتعليمات هاتفية، فيما المجلس الذي يفترض أنه لسان حاله، أصبح أداة في يد من يسعى لتخريب الثقة في المؤسسات.

اليوم، يعيش الشارع في دار الشيوخ حالة غليان صامت، فالسكان الذين كانوا ينتظرون قرارات تنعش التنمية المحلية وجدوا أنفسهم أمام بلدية رهينة لا تتحرك إلا بإذن ولا تصادق إلا بعد موافقة من خارج أسوارها. 

كمؤسسة إعلامية، نحن في قناة الجلفة TV نرى أن ما حدث لا يمكن اعتباره مجرد سوء تفاهم سياسي، بل هو اعتداء صريح على مبدأ الدولة ومفهوم المسؤولية. إننا نرفض تبرير العبث تحت غطاء الديمقراطية، لأن الديمقراطية لا تعني تعطيل المؤسسات، بل تحمّل المسؤولية بشجاعة ونزاهة. لقد أثبتت الجلسة أن هناك من يصر على إبقاء دار الشيوخ في دائرة التهميش، لأن وجود رئيس ملتزم بالقانون لا يخدم مصالحهم. لكن، مهما كانت التكتلات قوية، فإن الحقيقة أقوى، والرأي العام بدأ يدرك من يعمل ومن يعرقل.

في نهاية المطاف، سيسجل التاريخ أن في يوم 21 أكتوبر 2025 اجتمع مجلس بلدي في دار الشيوخ فاختار بعض أعضائه تعطيل التنمية بدل خدمتها، وسيسجل أيضًا أن المير المستخلف، رغم الضغوط، تمسك بالقانون واحترم مؤسسات الدولة ولم ينجر وراء الفوضى. إن تعطيل مداولات قانونية تمس حياة الناس جريمة أخلاقية وسياسية لن تُنسى، ومن عطل اليوم مشاريع الصرف والطريق والتهيئة سيُسأل غدًا أمام الله وأمام المواطن وأمام التاريخ. دار الشيوخ لا تستحق هذا العبث، فهي بلدة عرفت عبر تاريخها برجالها المخلصين لا بمن يتخذ من المنصب أداة للانتقام. واليوم، وهي تسأل نفسها: من يعطل البلدية ولماذا ولصالح من؟ يبقى الجواب معلّقًا إلى أن تتحرر الإرادة المحلية من عقلية التحكم، وتستعيد المؤسسات دورها في خدمة المواطن لا محاربته. ولأننا نؤمن أن الإعلام شريك في التنمية، سنواصل في تحقيقاتنا القادمة كشف خيوط هذه المؤامرة الصامتة بالأسماء والوثائق حتى يعرف الرأي العام من يقف مع دار الشيوخ ومن يقف ضدها.

وفي ختام هذا المشهد العبثي الذي لا يليق بمؤسسة منتخبة، ترى الجلفة أونلاين أن ما جرى داخل مجلس بلدية دار الشيوخ لا يُمكن أن يُفهم إلا كاختبار أخلاقي قبل أن يكون سياسيًا، اختبار لمدى إيمان المنتخبين بمسؤوليتهم أمام المواطن والتاريخ. فالتنمية لا تُعطل بالأهواء، والمداولات لا تُسقط بالمزاج، والديمقراطية لا تعني شلّ مؤسسات الدولة باسم “الأغلبية”.

ومع ذلك، يبقى الأمل قائمًا في أن تتغلب روح القانون على منطق الفوضى، خصوصًا وأن الإطار القانوني يسمح للرئيس المستخلف، بمعية الأعضاء الخمسة المساندين له، بمواصلة تسيير شؤون البلدية بصفة قانونية وضمان استمرارية المرفق العام، إلى غاية استعادة الانسجام داخل المجلس أو انتهاء العهدة الانتخابية التي لم يتبقّ منها سوى أقل من عشرة أشهر.

إن دار الشيوخ اليوم أمام لحظة فاصلة: إما أن تنتصر للمصلحة العامة وتُمنح فرصة لاستكمال مشاريعها المتوقفة، أو تُترك رهينة لحسابات صغيرة لا تخدم سوى من اعتادوا الاستثمار في الفوضى. وبين هذا وذاك، يبقى صوت المواطن هو الحكم الفصل، لأن التاريخ لا يرحم من خان الأمانة، ولا ينسى من خدمها بإخلاص.


الرئيس تبون يوجه رسالة للأمة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق