في أحدث مثال على التخبط الذي تشهده الدبلوماسية المغربية، واجهت وزارة الخارجية المغربية، بقيادة الوزير ناصر بوريطة، موجة من الانتقادات بعد محاولة ترويج “كذبة جديدة” عبر حسابها الرسمي على موقع X (تويتر سابقاً). الحادثة بدأت خلال الندوة الصحفية المشتركة التي عُقدت بمناسبة زيارة وزير الخارجية البرازيلي إلى الرباط، حيث تم نشر بيان صحفي مشترك يعرض أبرز المحاور التي تم مناقشتها خلال المحادثات.
كالعادة، يتم إصدار بيان صحفي مشترك باللغات الرسمية بعد مثل هذه الأحداث، وهو إجراء دبلوماسي معمول به منذ قرون في جميع أنحاء العالم. لكن في المغرب، هناك “تقليد” قديم يقتضي النظر مباشرة إلى أعين الناس والكذب عليهم دون حياء، كما وصفه بعض المراقبين.
بعد نشر وزارة الخارجية البرازيلية البيان الصحفي المشترك باللغتين البرتغالية والفرنسية على موقعها الرسمي، عمدت وزارة الخارجية المغربية إلى نشر نسخة “مبتورة” من البيان، محذوف منها بعض الفقرات الهامة، فيما بدا وكأنه محاولة “مراوغة” للجمهور. ولكن البرازيل، التي تملك سمعة راسخة في كل من كرة القدم والسياسة، لم تكن لتسمح بتمرير هذا التحريف.
أمام هذا الموقف المحرج، لم يكن أمام الدبلوماسية المغربية أي خيار سوى حذف البيان “الزائف” من حساباتها الرسمية، ثم إعادة نشره مجدداً، لكن هذه المرة من دون كلمة “مغربية” بعد كلمة “الصحراء”. وقد اكتشف القراء بسهولة الفرق بين البيان “الحقيقي” المشترك والبيان المغربي المعدل، مما أظهر بوضوح مدى التزوير الذي طال أجزاء مهمة من البيان الأصلي.
هذه الواقعة تؤكد مجدداً أن الدبلوماسية المغربية انتقلت من محاولة كسب دعم الدول لمبادرتها في الصحراء الغربية عبر تكتيك “التسول”، إلى استخدام تكتيك “الكذب والزيف” عند نشر البيانات المشتركة. مما يطرح العديد من التساؤلات حول صحة المدارك العقلية والدبلوماسية عند الوزير بوريطة، ومدى مصداقية الدبلوماسية المغربية على الساحة الدولية.
التداعيات الدولية
التصرف الذي قامت به الخارجية المغربية لم يمر دون أن يُلاحظه المجتمع الدولي. وقد أثار هذا الحادث العديد من التساؤلات حول مدى التزام المغرب بالمعايير الدولية للدبلوماسية وصدق نواياه في التعامل مع القضايا الحساسة. وزارة الخارجية البرازيلية، بدورها، لم تصمت على هذا التحريف، ما دفع الخارجية المغربية إلى محاولة تعديل موقفها بشكل سريع لتجنب الإحراج الدبلوماسي.
التأثير على العلاقات الثنائية
قد تؤثر هذه الواقعة على العلاقات الثنائية بين المغرب والبرازيل، حيث تتوقع الدول احترام البيانات المشتركة وعدم تحريفها لتحقيق مصالح أحادية الجانب. هذه الحادثة قد تؤدي إلى تراجع الثقة بين البلدين وتطرح تحديات جديدة أمام الدبلوماسية المغربية في محاولتها لتعزيز علاقاتها الدولية.
من المتوقع أن تشهد وزارة الخارجية المغربية مراجعة داخلية لهذه الحادثة لتحديد الأخطاء ومعرفة كيف حدث هذا التحريف الفاضح في البيان المشترك. هذا يبرز الحاجة إلى مراجعة السياسات والإجراءات الدبلوماسية لضمان عدم تكرار مثل هذه الأخطاء في المستقبل.
ردود الفعل المحلية والدولية
على الصعيد المحلي، قد يواجه الوزير بوريطة انتقادات شديدة من قبل المعارضة ووسائل الإعلام، مما يزيد من الضغوط عليه وعلى وزارته. دولياً، قد تتخذ بعض الدول موقفاً حذراً في التعامل مع التصريحات والبيانات المغربية، مما يؤثر سلباً على صورة المغرب على الساحة الدولية.
في النهاية، تظل هذه الواقعة مثالاً واضحاً على التحديات التي تواجهها الدبلوماسية المغربية تحت قيادة الوزير بوريطة، وتطرح علامات استفهام حول مدى مصداقية وسلامة الإجراءات الدبلوماسية التي يتبعها.