الجلفة – في مبادرة رمزية تعبّر عن عمق الوفاء للتاريخ الوطني، نظّمت مصالح أمن ولاية الجلفة، مؤخرًا، زيارة ميدانية خاصة إلى منزل أحد متقاعدي سلك الشرطة من المجاهدين الذين شاركوا في الثورة التحريرية المجيدة، في خطوة تكرّس ثقافة الاعتراف والامتنان لمن ساهموا في صناعة استقلال الجزائر وحمايتها.
الزيارة، التي تزامنت مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الثالثة والستين لعيدي الاستقلال والشباب، جاءت تكريماً لمسيرة مجاهد من رجالات الوطن، قدّم الكثير خلال حرب التحرير، ثم واصل عطائه في خدمة الدولة الجزائرية بعد الاستقلال، من خلال العمل في صفوف الأمن الوطني.
وتعكس هذه المبادرة بُعدًا إنسانيًا وتاريخيًا عميقًا، حيث تؤكد مؤسسة الأمن الوطني، من خلال مثل هذه الخطوات، على التزامها المستمر بصيانة الذاكرة الوطنية، وتقدير رموزها الذين ساهموا في التحرير ثم في بناء الدولة.
وأوضحت خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن الولاية أن هذه الزيارة تندرج ضمن سلسلة من المبادرات التي تسعى إلى غرس روح الوطنية في نفوس الأجيال الجديدة، وتوثيق الصلة بين الحاضر والماضي، عبر الاحتفاء برموز الكفاح الوطني.
وقد عبّر المجاهد المكرّم، في كلمات مؤثرة، عن امتنانه لهذه اللفتة التي “أيقظت في الذاكرة مشاهد البطولة والتضحية”، مشددًا على أن الجزائر بُنيت بتضحيات أبنائها، ويجب على الجميع، خاصة الشباب، أن يدركوا حجم الأمانة الموروثة.
وتأتي مثل هذه الزيارات في سياق السعي إلى الحفاظ على رمزية الأبطال الحقيقيين، الذين لا تظهر صورهم كثيرًا في وسائل الإعلام، لكنهم يشكلون الركيزة الصامتة لتاريخ الجزائر.
من جهتها، أكدت قيادة أمن ولاية الجلفة أن جهاز الشرطة، الذي وُلد من رحم الثورة، يبقى وفيًا لتاريخه العريق، وأنه سيظل جزءًا فاعلًا في الحفاظ على القيم الوطنية، من خلال نشر الوعي، ومرافقة المناسبات التاريخية، وتكريم من أسهموا في مسيرة التحرير والبناء.
وأضاف المصدر أن هذه المبادرة ليست مجرد حدث عابر، بل هي رسالة تربوية ووطنية تهدف إلى بناء جسر قوي بين ذاكرة النضال وتحديات الحاضر، في ظل ما تواجهه الجزائر من رهانات داخلية وخارجية.
تبقى مثل هذه الخطوات، مهما كانت بسيطة في ظاهرها، بليغة في مضمونها، لأنها تكرّس ثقافة العرفان، وتعيد للرموز التاريخية مكانتها في الوجدان الجماعي. فالوفاء لمن ضحوا هو عنوان أمة تعرف كيف تحفظ تاريخها، وتبني حاضرها على أسس الوفاء والكرامة.