يواصل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) إثارة علامات الاستفهام في مسار المنتخب الجزائري، بعد قراره تعيين الحكم الغابوني باتريس تانجي مبيامي، المعروف بلقب “آتشو”، لإدارة مباراة الخضر أمام السودان، في خطوة أعادت إلى الواجهة واحدة من أكثر الصفحات التحكيمية إثارة للجدل في ذاكرة الكرة الجزائرية.
هذا التعيين لم يمر مرور الكرام، ليس لأن الاسم جديد، بل على العكس تماما: لأن الذاكرة لا تنسى، ولأن هذا الحكم ارتبط بمحطات مفصلية كان لها أثر مباشر على نتائج المنتخب الوطني في منافسات قارية سابقة.
“آتشو” لم يكن مجرد حكم عابر في تلك المواجهات، بل كان حاضرًا في غرفة تقنية الفيديو (VAR) خلال مباريات حاسمة أمام أنغولا وبوركينا فاسو، مباريات لا يزال الشارع الرياضي الجزائري يتذكر فيها ركلتي جزاء واضحتين لم يتم احتسابهما، في قرارات أثارت حينها موجة غضب عارمة، وطرحت أسئلة جدية حول نزاهة التقدير التحكيمي.
الأمر لم يتوقف عند حدود الجدل الإعلامي أو الجماهيري، إذ سبق للاتحاد الجزائري لكرة القدم أن تقدم بشكوى رسمية ضد الحكم ذاته إلى كل من الفيفا والكاف، وهي خطوة نادرة تعكس حجم التحفظات على أدائه. بل أكثر من ذلك، تم استبعاده لاحقًا من إدارة بعض المنافسات القارية، قبل أن يعود اليوم إلى الواجهة من جديد، وفي مباراة لا تقل حساسية عن سابقاتها.
وهنا يطرح السؤال نفسه بإلحاح:
كيف يمكن للكاف أن تعين حكمًا كان محل احتجاج رسمي لإدارة مواجهة مصيرية للمنتخب الجزائري؟
وهل تعاني القارة الإفريقية فعلا من نقص في الكفاءات التحكيمية، إلى درجة إعادة تدوير نفس الأسماء الجدلية في كل محطة حاسمة؟
المنتخب الجزائري لا يطلب معاملة تفضيلية، ولا يبحث عن أعذار مسبقة، لكنه – ومعه جماهيره – يطالب بشيء واحد فقط: العدالة التحكيمية. عدالة تضمن حماية مجهود اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، وتمنع تكرار سيناريوهات سابقة دفعت ثمنها “الخضر” غاليًا.
تعيين “آتشو” في هذا التوقيت بالذات، ومع هذا الرصيد الثقيل من الجدل، يضع الكاف مجددًا في قفص الاتهام، ويجعل كل صافرة في المباراة القادمة محل تشكيك ومراقبة مضاعفة.
ويبقى السؤال مفتوحا إلى غاية صافرة النهاية:
هل هو قرار تقني بريء؟ أم حلقة جديدة في سلسلة قرارات تحكيمية تضع مصداقية المنافسة على المحك؟



















