في حضرة الكلمة والموقف: تكريم الكاتب والاعلامي أسامة وحيد بندوة فكرية بدار الثقافة ابن رشد بالجلفة

djelfaonlaine1 مشاهدة
في حضرة الكلمة والموقف: تكريم الكاتب والاعلامي أسامة وحيد بندوة فكرية بدار الثقافة ابن رشد بالجلفة
الحواس زريعة

في أجواء فكرية راقية وحضور نخبوي مميز، احتضنت دار الثقافة ابن رشد بمدينة الجلفة، مساء يوم الثلاثاء ، لقاءً ثقافيًا استثنائيًا مع الكاتب والصحفي البارز أسامة وحيد، نظمه نادي وصل الثقافي تحت إشراف رئيسه الأستاذ ڨلولي ساعد، وذلك ضمن سلسلة الفعاليات التي أطلقها النادي لتفعيل الحراك الثقافي بالمنطقة، وخلق فضاءات حوارية مفتوحة بين المفكرين والنخب المحلية. هذا الحدث الأدبي شهد مشاركة واسعة ونوعية من المهتمين بالشأن الثقافي والإعلامي، من أساتذة جامعيين، وطلبة، وصحفيين، وكتّاب محليين، إضافة إلى شخصيات معروفة على مستوى الولاية، ممّا عكس تعطّش الساحة الثقافية لمثل هذه المبادرات التي تكسر العزلة، وتعيد إشعال جذوة الفكر في المناطق الداخلية. خلال المداخلة الرئيسة، قدّم أسامة وحيد قراءة مفتوحة في تجربته الإعلامية والكتابية، متوقفًا عند أبرز مؤلفاته وعلى رأسها كتابه “شاهد عن أمة”، الذي اعتبره كثيرون وثيقة فكرية جريئة تنبش في عمق الواقع العربي، وتسلّط الضوء على التحولات الاجتماعية والسياسية من وجهة نظر نقدية وساخرة.

كما تناول اللقاء مؤلفه “الراعي والجنرال”، الذي وثّق فيه كفاح منطقة الجلفة ضد الاستعمار الفرنسي والثورات الشعبية التي احتضنتها، وهو ما أثار نقاشًا ثريًا حول أهمية توثيق الذاكرة التاريخية من زاوية محلية.

تحوّل اللقاء إلى ورشة فكرية مفتوحة، أتاح للحضور التفاعل المباشر مع الضيف من خلال الأسئلة والمداخلات التي لامست قضايا محورية مثل أزمة الخطاب الثقافي، استقلالية الإعلام، وهوية المثقف في زمن الرقابة. وقد أبرز النقاش عمق الوعي الثقافي لدى النخبة المحلية، ورغبتها في الانخراط الفاعل في صياغة مشهد ثقافي جديد. وفي مداخلاته، شدّد أسامة وحيد على أهمية استعادة المثقف لدوره الطبيعي كصوت ضمير المجتمع، داعيًا إلى الانعتاق من الاصطفافات الإيديولوجية الضيقة، والتأسيس لثقافة نقدية حرة تعيد للكلمة دورها التنويري والتحريضي.

في كلمته الختامية، وجّه وحيد رسالة قوية، قال فيها: “نحن لا نواجه غزوًا مسلحًا، بل نعيش حربًا قذرة تُشن علينا دون سلاح، تُستخدم فيها أدوات ناعمة كالإعلام والتعليم والثقافة لتشويه هويتنا والقضاء على قيمنا الأصيلة”، داعيًا إلى التحصّن بالوعي والمعرفة كسبيل للمقاومة الحقيقية.

ولم يخلُ اللقاء من لحظات عرفان، حيث قامت دار الثقافة بتكريم الكاتب والإعلامي أسامة وحيد بمنحه “البرنوسالوبري”، في لفتة رمزية تعبّر عن الامتنان لتجربته الصحفية والفكرية، وما قدّمه من مساهمات أثرت الساحة الثقافية والإعلامية.

كما أجمعت أغلب المداخلات على أن دار الثقافة بالجلفة، عبر هذا اللقاء، أحدثت طفرة نوعية في المشهد الثقافي المحلي، وأثبتت قدرة الفضاءات الثقافية في المناطق الداخلية على استقطاب الكفاءات الوطنية، وتوفير منصّات حوار جادة وفاعلة.

أكّد هذا اللقاء مجددًا أن الثقافة ليست ترفًا نخبويًا بل ضرورة مجتمعية، وأن المبادرات الثقافية الحرة كفيلة بكسر الجمود وفتح نوافذ للضوء. وقد مثّل نشاط نادي وصل الثقافي نموذجًا ناجحًا في هذا السياق، يعكس ما يمكن أن تصنعه الإرادة حين تقترن بالرؤية والعمل الميداني.

لقد احتفت الجلفة في هذا الموعد بالكلمة، وأثبتت أن الفكر لا حدود له، وأن الثقافة قادرة على الوصول إلى كل شبر من الوطن، إذا ما توفرت لها الرعاية والفضاء والدافع.

 


المصدر الجلفة أونلاين
الرئيس تبون يوجه رسالة للأمة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق