في مشهد يتجاوز القوالب الإدارية الجامدة، سجلت ورشات الأشغال بـ حي بوتريفيس بمدينة الجلفة نموذجاً لافتاً في إدارة المشاريع العمومية؛ حيث أشرف مدير الري للولاية ميدانياً على استكمال عمليات تزفيت الطرقات وتهيئة الأرصفة، وهي حصص لم تكن مدرجة أصلا ضمن الميزانية الرسمية لمشروع “حماية المدينة من الفيضانات”، الذي تشرف عليه مديرية الري. الخطوة جاءت بعد معاينة ميدانية أظهرت أن تسليم المشروع في صيغته التقنية فقط، دون معالجة المحيط الخارجي، قد يؤدي إلى صعوبات حقيقية للسكان ويقوض فعالية شبكة الصرف المنجزة.
وحسب المعطيات المتوفرة، فإن مشروع الحماية من الفيضانات اقتصر رسميا على إنجاز القنوات والمنشآت التقنية المرتبطة بها، دون برمجة أشغال التزفيت أو تهيئة الأرصفة، وهو ما كان من شأنه ترك الحي في وضعية صعبة مع أول تساقط للأمطار، نتيجة تراكم الأوحال واحتمال انسداد القنوات الجديدة.
وأمام هذا الوضع، تقرر استكمال التهيئة السطحية للطرقات والأرصفة، رغم غياب اعتماد مالي مخصص لذلك ضمن ميزانية المشروع. وقد تم إنجاز هذه الأشغال بدعم من عدد من المقاولين، الذين ساهموا طوعا في العملية، في إطار مبادرة تضامنية، دون تسجيل أعباء إضافية على الخزينة العمومية.
وتهدف هذه الخطوة، حسب متابعين، إلى الحفاظ على ديمومة المشروع المنجز وضمان استغلاله الفعلي، إذ تشير التقديرات التقنية إلى أن ترك الطرقات دون تهيئة كان سيؤدي إلى تدهور سريع للبنية التحتية الجديدة، ما يعني خسائر مادية محتملة وعودة متكررة لأشغال الصيانة.
وقد لقيت العملية ارتياحا لدى سكان الحي، الذين اعتبروا أن استكمال الأشغال ميدانيًا ساهم في تحسين ظروفهم اليومية، وساعد على تفادي الإشكالات التي عادة ما ترافق تسليم مشاريع مماثلة دون معالجة محيطها العمراني.
وتعيد هذه المبادرة النقاش حول أهمية التنسيق بين القطاعات المختلفة أثناء إنجاز المشاريع العمومية، وضرورة اعتماد مقاربة شاملة تراعي الجوانب التقنية والبيئية والحياتية للمواطن، بما يضمن نجاعة المشاريع واستمراريتها، ويجنب تكرار الاختلالات التي تُسجَّل بعد كل موسم أمطار.
