الجلفة أونلاين

والي الجلفة يعرض حصيلة الدخول الاجتماعي ويكشف عن مكاسب جديدة في قطاعي التربية والتعليم العالي

والي الجلفة يعرض حصيلة الدخول الاجتماعي ويكشف عن مكاسب جديدة في قطاعي التربية والتعليم العالي
الحواس زريعة

في أجواء الدخول الاجتماعي لموسم 2025 – 2026، عقد “والي ولاية الجلفة، السيد جهيد موس،” ندوة صحفية مع ممثلي وسائل الإعلام المحلية، قدّم خلالها عرضًا تفصيليًا عن مختلف التدابير المتخذة في سبيل إنجاح الدخول المدرسي والجامعي، متطرقًا إلى الهياكل الجديدة، الإطعام، النقل، والعملية التضامنية. غير أنّ هذا اللقاء، الذي أُريد له أن يعكس صورة متفائلة، أثار في المقابل جملة من التساؤلات حول قدرة هذه الإجراءات على الصمود أمام الواقع اليومي للمؤسسات التربوية والجامعية عبر الولاية.

الوالي استهل عرضه بالتأكيد على أنّ الجلفة باتت تضم 883 مؤسسة تربوية تؤطرها أكثر من 17 ألف أستاذ، وأنّ أزيد من 134 ألف تلميذ استفادوا من مجانية الكتاب المدرسي عبر نقاط بيع متعددة. غير أن هذه الأرقام، وإن كانت تعكس جهدًا معتبرًا على الورق، تظل بحاجة إلى معاينة ميدانية تكشف مدى وصول الكتب فعلًا إلى أيدي التلاميذ في الوقت المناسب، خاصة وأن بعض المؤسسات في السنوات الماضية عانت من تأخر التوزيع أو نقص في عناوين معينة.

وفيما يتعلق بالإطعام المدرسي، أعلن الوالي أنّ 499 مطعمًا سيوفر وجبات ساخنة منذ اليوم الأول، بدعم مالي ضخم من وزارة الداخلية تجاوز 200 مليار سنتيم، إضافة إلى 112 مطعمًا في أنصاف الداخليات و63 مطعمًا بالثانويات. لكن التحدي الحقيقي هنا يكمن في نوعية الوجبات واحترام معايير الصحة والتوازن الغذائي، وهو ملف ظل محل انتقاد متكرر من طرف الأولياء. كما أن التجارب السابقة بيّنت أنّ وجود التمويل لا يعني بالضرورة حسن التسيير، بل قد يفتح الباب أمام شبهات سوء استعمال أو صفقات مشبوهة في التموين.

أما بخصوص النقل المدرسي، فقد أشار الوالي إلى تخصيص 13 مليار سنتيم لصيانة الحافلات وكراء أخرى عند الحاجة، مؤكدًا أن كل البلديات ستُغطّى احتياجاتها إذا قدمت طلباتها. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا: هل تكفي هذه الإجراءات لتفادي مشاهد التلاميذ الذين يقطعون يوميًا مسافات طويلة سيرًا على الأقدام، خاصة في البلديات النائية حيث تتعطل الحافلات أو تتأخر الصيانة؟ ثم ما مصير البلديات التي اعتادت تبرير عجزها بالبيروقراطية ونقص الإمكانات؟

العملية التضامنية نالت بدورها حصة وافية من حديث الوالي، إذ جرى الإعلان عن تخصيص أكثر من 27 مليار سنتيم لاقتناء الحقائب المدرسية، بما يعادل 58 ألف حقيبة، موزعة بين ميزانية البلديات والولاية والصندوق الوطني للتضامن، مع توجيه جزء منها إلى التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة. ورغم أهمية هذه الأرقام، فإنّ الميدان قد يُظهر مفارقات بين البلديات الغنية والفقيرة، وبين التوزيع الورقي والإيصال الفعلي إلى مستحقيه. فكم من مرة اشتكى الأولياء من بطء وصول هذه الإعانات أو من عدم شفافيتها؟

أما على الصعيد الجامعي، فقد ركّز الوالي على استغلال الثانوية الرياضية غير المستغلة كملحقة للمدرسة العليا للأساتذة، بعد اتفاق مع وزارات التربية، التعليم العالي، والرياضة، بهدف استقبال أزيد من ألف طالب جديد. وأوضح أنّ هذه المؤسسة ستحتوي على عشرة تخصصات بيداغوجية، بعضها حصري، ما يجعلها رهانًا لتغطية العجز في التأطير التربوي مستقبلًا. غير أن التحدي هنا يتمثل في مدى جاهزية هذا المرفق فعليًا من حيث التجهيزات والمخابر وظروف التدريس، خاصة وأن تحويل بنايات غير مهيأة سابقًا للاستخدام الجامعي قد يطرح إشكالات وظيفية في السنوات الأولى.

الوالي أشار أيضًا إلى توفر طاقة إيواء تفوق 7000 سرير عبر الإقامات الجامعية، في حين لا يتجاوز عدد الطلبة 6000، وهو ما يعكس – حسبه – وضعية جيدة. لكن الواقع الميداني غالبًا ما يختلف، إذ يشتكي الطلبة من نقص النظافة في الإقامات، تدني جودة الوجبات، وغياب أنشطة موازية ترفع من جودة الحياة الجامعية، ما يجعل “الأرقام” مرة أخرى بحاجة إلى تدقيق وتجربة يومية تثبت صدقيتها.

ما يمكن استنتاجه من الندوة أنّ والي الجلفة قدّم حوصلة مليئة بالأرقام والإجراءات، في محاولة لإبراز حصيلة مشجعة تعكس جهود الدولة في إطار البرنامج التكميلي الذي أقره رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. غير أنّ هذه الأرقام، مهما بدت مطمئنة، تبقى مجرد التزام رسمي لا يكتسب قيمته إلا عند الاصطدام بالواقع. التحدي الحقيقي يتمثل في ضمان وصول الكتب، الحقائب، الوجبات، وخدمات النقل والإيواء إلى كل تلميذ وطالب في وقتها وبجودة مقبولة، بعيدًا عن الخطابات والأرقام التي قد لا تعكس دومًا معاناة المواطنين في القرى والمداشر والأحياء الجامعية.

بذلك، يظل الدخول الاجتماعي في ولاية الجلفة امتحانًا حقيقيًا بين وعود الورق وواقع الميدان، امتحانًا يتوقف نجاحه على إرادة حقيقية في المتابعة والمراقبة الصارمة، لا على مجرد إعلانات رسمية وميزانيات مرصودة.

المصدرالجلفة أونلاين
Exit mobile version