في مشهد يعكس جدّية الحكومة في متابعة المشاريع الكبرى للبنية التحتية، حلّ وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، السيد عبد القادر جلاوي، مساء الأحد 12 أكتوبر 2025، بولاية الجلفة في زيارة عمل وتفقد، وقف خلالها على عدد من المشاريع الحيوية التي تُعدّ ركيزة أساسية في دفع عجلة التنمية وربط شمال البلاد بجنوبها. وجاءت الزيارة في سياق متابعة دقيقة من القطاع لتسريع وتيرة الإنجاز وضمان النوعية، وترجمة لتعليمات رئيس الجمهورية بضرورة تحويل المشاريع الكبرى إلى محركات فعلية للتنمية المحلية والجهوية.
وقد استهلّ السيد الوزير زيارته بالوقوف على مشروع تهيئة وتحديث ورفع الطاقة الاستيعابية لازدواجية الطريق الوطني رقم (01) على مسافة 50 كلم، والمتضمن إنجاز خمس منشآت فنية، وهو المشروع الذي يعدّ أحد أهم المحاور الطرقية في البلاد نظرًا لموقعه الاستراتيجي الذي يربط العاصمة بولايات الجنوب.
وخلال العرض المقدم بمنطقة الزعفران ببلدية حاسي بحبح، وبحضور والي الولاية السيد جهيد موس، والسلطات المحلية والأمنية، ونواب البرلمان بغرفتيه، شدد الوزير على ضرورة تحويل مختلف الشبكات التقنية في أقرب الآجال لاستكمال إنجاز المنشآت الفنية، مع إعداد رزنامة عمل دقيقة تضمن احترام آجال الإنجاز وجودة الأشغال.
كما دعا الوزير إلى تعزيز الورشات بكافة الوسائل المادية والبشرية وتسريع وتيرة الأشغال قصد تسليم الشطر الأول من المشروع، الممتد على مسافة 25 كلم، قبل نهاية شهر مارس 2026، مع تدارك التأخر المسجل في الشطر الثاني بنفس الوتيرة والجدية، بما يضمن تسليم المشروع كاملاً خلال السنة المقبلة.
وفي هذا السياق، أكد الوزير أن المشاريع الطرقية الكبرى لا تُقاس بعدد الكيلومترات فحسب، بل بمردودها الاقتصادي والاجتماعي، مشيرًا إلى أن ازدواجية الطريق الوطني رقم (01) تمثل شريانًا حيويًا سيُسهم في فكّ العزلة عن المناطق الداخلية وتعزيز الحركة التجارية نحو الجنوب الكبير.
وخلال المحطة الثانية من زيارته، تفقد وزير الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية، مرفوقًا بالسيد والي الولاية، والسلطات المدنية والأمنية والعسكرية، أشغال مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم (01) الرابط بين ولايتي الجلفة والأغواط على مسافة 64 كلم، لاسيما الحصة الأولى المتعلقة بالطريق الاجتنابي الغربي لمدينة الجلفة على مسافة 08 كلم.
وبالمناسبة، أسدى السيد الوزير تعليمات صارمة بتشكيل لجنة عمل مشتركة تضم إطارات مركزية ومحلية، تتولى تشخيص مختلف العراقيل التقنية والإدارية التي تعيق وتيرة الأشغال ومعالجتها ميدانيًا دون تأجيل، مع تحيين رزنامة العمل وفق مقاربة واقعية تراعي ظروف الورشات، وتسخير كافة الإمكانيات البشرية والمادية لتدارك التأخر المسجل، وضمان المتابعة الدورية والميدانية للمشروع بغية تسليمه في الآجال المحددة وبالمستوى المطلوب من الجودة.
وفي ختام اليوم الأول من الزيارة، عقد الوزير لقاءً موسعًا بقاعة المحاضرات بمقر الولاية، تضمن عرضًا تفصيليًا حول واقع قطاع الأشغال العمومية والمنشآت القاعدية بولاية الجلفة، حيث تم التطرق إلى نسب تقدم المشاريع الجارية، وملفات الصيانة، وإشكاليات التمويل والتأخر في بعض المقاولات.
اللقاء شكّل فرصة لتبادل الرؤى بين مسؤولي القطاع والمصالح التقنية المحلية حول سبل تجاوز النقائص المسجلة وتنسيق الجهود بين الهيئات المركزية والولائية.
وقد عبّر الوزير عن ارتياحه لروح الجدية التي لمسها في الميدان، مؤكدًا أن المتابعة الدورية للمشاريع أصبحت اليوم “منهج عمل وليس ظرفًا طارئًا”، وأن الحكومة لن تتسامح مع أي تأخر غير مبرّر في الإنجاز أو أي إخلال بمعايير الجودة. كما أشاد بتعاون والي الجلفة وجهوده في متابعة الورشات ميدانيًا، معتبرًا أن التنسيق بين الإدارة المركزية والمحلية هو مفتاح النجاح في تنفيذ البرامج التنموية الكبرى.
الزيارة، التي جاءت في توقيت حسّاس، أعادت إلى الواجهة النقاش حول فعالية الإنجاز وجودة الأشغال في الطرق الوطنية التي تمرّ عبر الجلفة، وهي طرق تُعدّ من بين الأكثر استعمالًا في الجزائر، وتشهد حركية متزايدة للنقل التجاري والبضائع. فبين الطموح التنموي الكبير الذي تعبّر عنه الدولة، وتحديات الميدان التي ترهق المقاولات والمصالح التقنية، يبقى الرهان الحقيقي هو تحويل هذه المشاريع إلى واقع ملموس يشعر به المواطن في تنقله اليومي وفي أمنه الطرقي.
الجلفة التي لطالما كانت “عقدة الوصل” بين الشمال والجنوب، تستعيد اليوم موقعها كمحور استراتيجي بفضل مشاريع الطرق والمنشآت التي تُشرف عليها الدولة، غير أن نجاح هذا المسار التنموي يظل مرهونًا بصرامة المتابعة ومحاسبة المقصرين، حتى لا تبقى الزيارات التفقدية مجرد صور بروتوكولية، بل رافعة حقيقية لتغيير الميدان.