وزير الاتصال زهير بوعمامة يدعو إلى نقلة نوعية في القطاع الإعلامي

djelfaonlaine18 سبتمبر 2025
وزير الاتصال زهير بوعمامة يدعو إلى نقلة نوعية في القطاع الإعلامي
و ا ج

أكد وزير الاتصال، زهير بوعمامة، هذا الأربعاء، خلال اجتماع توجيهي مع إطارات الوزارة، على ضرورة مضاعفة الجهود للارتقاء بأداء القطاع وتحسين جودة الخدمات الإعلامية، وذلك في أول لقاء له عقب تسلمه لمهامه على رأس الوزارة.

وأوضح الوزير أن المرحلة المقبلة تستدعي “التنسيق والتكامل بين مختلف المديريات والمصالح التابعة للوزارة، بما يضمن تحقيق الأهداف المسطرة”، مشددًا في الوقت ذاته على أهمية الالتزام بروح المسؤولية والعمل الجاد والمبادرة الخلّاقة لإحداث ديناميكية حقيقية في قطاع الاتصال.

استلم وزير الاتصال الجديد زهير بوعمامة مهامه في ظرف حساس يمر به قطاع الإعلام في الجزائر، فاختار أن يبدأ مشواره بعقد اجتماع أول مع إطارات وزارته، في خطوة بدت وكأنها إعلان نوايا لإطلاق ديناميكية جديدة تعيد للقطاع زخمه المفقود. غير أن واقع الإعلام الجزائري، بما يحمله من تراكمات وإخفاقات، يجعل المهمة أكثر تعقيدًا مما يبدو في التصريحات الرسمية.

منذ سنوات، ظل الخطاب الرسمي يرفع شعار إصلاح المنظومة الإعلامية، لكن الميدان كشف عن تذبذب واضح في المسار. الإعلام العمومي يرزح تحت وطأة البيروقراطية الثقيلة، أما الصحافة الخاصة فتعيش أزمة مالية خانقة تسببت في اختفاء عناوين وجرائد عريقة، فيما يفتقر الإعلام الإلكتروني، رغم توسعه وانتشاره، إلى تنظيم قانوني واضح يضمن له الاستمرارية ويحدد التزاماته ومجال حريته. في ظل هذا المشهد المليء بالتناقضات، بدا الاجتماع الأول للوزير الجديد بمثابة وضع خارطة طريق أكثر منه إعلانًا عن بداية إصلاح شامل.

البيان الرسمي للوزارة تحدث عن محاور متعددة، من بينها تسوية الملفات الإدارية والتنظيمية، مراجعة النصوص القانونية المؤطرة للقطاع، وإعادة هيكلة بعض المؤسسات الإعلامية، إضافة إلى فتح ورش كبرى تخص السمعي–البصري والصحافة المكتوبة والإلكترونية. هذه النقاط ليست جديدة في حد ذاتها، فقد تداولها الإعلاميون مرارًا في السنوات الماضية، لكن الجديد الذي قد يحمله الوزير الحالي هو مدى قدرته على تحويلها من مجرد عناوين عريضة إلى واقع ملموس.

التصريحات التي شدد فيها بوعمامة على ضرورة تبني “روح المبادرة والمقاربة التشاركية” لقيت صدى إيجابيًا أوليًا لدى بعض الفاعلين في الميدان، فهي تتناغم مع ما يطالب به الإعلاميون من إشراكهم في صياغة القرارات المصيرية التي تخص مستقبل مهنتهم. غير أن هذه اللغة التصالحية ليست كافية في نظر الكثيرين، ما لم تُترجم إلى آليات عملية تضمن مشاركة فعلية بدل أن تبقى مجرد خطاب مطمئن للاستهلاك الإعلامي.

التحدي الحقيقي الذي يواجه الوزير الجديد يتمثل في استعادة ثقة الإعلاميين والجمهور في آن واحد. فالإصلاح لا يُقاس فقط بعدد النصوص القانونية التي تُراجع أو المؤسسات التي يُعاد تنظيمها، بل يُقاس بمدى قدرة الدولة على توفير مناخ يضمن حرية التعبير بعيدًا عن الرقابة المباشرة أو غير المباشرة، ويدعم الصحافة المستقلة ماديًا ومهنيًا لتكون قادرة على أداء دورها كسلطة رابعة.

المجتمع الجزائري، في زمن الانفتاح الإعلامي وتوسع الفضاء الرقمي، لم يعد يقبل بالاكتفاء بخطاب رسمي أحادي. المواطن يريد إعلامًا يطرح الأسئلة الصعبة، يحاسب المسؤولين، ويعكس حقيقة الواقع بكل تعقيداته. ومن دون ذلك، فإن أي محاولة إصلاح ستظل ناقصة، مهما كانت نوايا الوزير حسنة.

وعليه، فإن ما ينتظر بوعمامة ليس مجرد مراجعة نصوص أو إعادة ترتيب مؤسسات، بل بناء علاقة جديدة بين السلطة والإعلام، علاقة تقوم على الشفافية والوضوح، وتوازن بين الحرية والمسؤولية. نجاحه أو فشله في هذا المسعى سيكون بمثابة اختبار جدي، ليس فقط لمسيرته على رأس الوزارة، بل لصورة الدولة الجزائرية أمام الداخل والخارج. فالرهان اليوم لم يعد محصورًا في تحسين صورة الإعلام العمومي أو تسوية ملفات إدارية عالقة، بل في بناء ثقة مفقودة منذ سنوات طويلة.

بهذا المعنى، فإن الاجتماع الأول للوزير مع إطارات وزارته لا يمكن أن يُقرأ كإجراء بروتوكولي فحسب، بل كإشارة أولى إلى توجه سياسي وإداري جديد. لكن وحدها الأفعال الميدانية ستحدد ما إذا كان بوعمامة سيُسجل اسمه ضمن قائمة الوزراء الذين أحدثوا تغييرًا حقيقيًا، أم أنه سيلتحق بركب من سبقوه ممن اكتفوا بالتصريحات وتركوا الملفات الكبرى معلقة.

 

المصدر الجلفة أونلاين
الرئيس تبون يوجه رسالة للأمة بمناسبة ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر 1960

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق