لم يحقق مسار تطبيع المخزن مع إسرائيل التطلّعات المغربيّة، الأمر الذي تحوّل لاحقًا إلى خيبة أمل في أوساط شريحة واسعة من الرأي العام المغربي.
في 22 ديسمبر 2020، وقّع المخزن الاتفاق الثلاثي مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركيّة، حيث جرى بموجبها تطبيع العلاقات المغربيّة الإسرائيليّة. يومها، جاء هذا الاتفاق من ضمن سلسلة “اتفاقيّات إبراهيم” التي عمل عليها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، التي طبّعت علاقات إسرائيل مع البحرين والإمارت العربيّة المتحدة والسودان، إلى جانب المغرب. وفي كل هذا المسار، حرصت الولايات المتحدة على تقديم حوافز سياسيّة وماليّة واستثماريّة للدول العربيّة، لدفع الدول العربيّة باتجاه توقيع اتفاقيّات التطبيع. كحال الدول العربيّة الأخرى، امتلك المخزن العديد من الأهداف التي حاول تحقيقها من اتفاق التطبيع مع إسرائيل، ومنها تلك التي ترتبط بقوّة البلاد العسكريّة والنزاع على الصحراء الغربيّة، بالإضافة إلى استقطاب الاستثمارات الأجنبيّة. كما امتلكت إسرائيل أهدافها من هذا الاتفاق، على مستوى الاندماج في المحيط العربي وتعزيز التعاون الأمني والعسكري، بالإضافة إلى الاعتراف بها كدولة من جانب دولة عربيّة إضافيّة. لكن بعد ثلاث سنوات من بدء عمليّة التطبيع، تشير جميع المعطيات إلى أنّ المخزن فشل في تحقيق أهدافه من تلك الاتفاقيّة، في حين نالت إسرائيل أهدافها من هذا المسار، بخلاف اتفاقات إبراهيم الأخرى، حرصت المغرب على توقيع الاتفاق بصيغة ثلاثيّة، تضمن انخراط الولايات المتحدة الأميركيّة كطرف فيه، إلى جانب إسرائيل، بهدف الحصول على إلتزامات معيّنة من جانب الإدارة الأميركيّة مقابل التطبيع مع إسرائيل. وهذه الخطوة بحد ذاتها، دلّت على بعض أهداف المغرب من الاتفاق عينه ، فأحد أهم بنود الاتفاق تمثّل في اعتراف الولايات المتحدة الأميركيّة بسيادة المغرب على كامل إقليم الصحراء الغربيّة، والتزامها بالطرح الذي تقدّمه المغرب لتسوية نزاعها مع جبهة البوليساريو على هذا الإقليم، والقائم على مبدأ الحكم الذاتي في الإقليم من دون الإنفصال عن المغرب. كما أصرّت المغرب على تضمين اتفاقها بنودًا تلتزم فيها الولايات المتحدة بدعم التنمية الاقتصاديّة والاستثمار في هذا الإقليم ، وفتح قنصليّة أميركيّة هناك، تكريسًا لاعترافها بسلطة المخزن في الإقليم وهو الحلم الذي تبخر وخسره المخزن مما جعله يتخبط ويبحث عن طرق للخروج من هذا المأزق الذي وقع فيه . ومن ناحيتها، وجدت إسرائيل الاتفاق مُسوِّغًا لتعزيز شرعيتها في المنطقة العربيّة، من خلال اعتراف المخزن بها وبناء علاقات دبلوماسيّة بين البلدين. ولهذا السبب، أصرّت إسرائيل على تضمين الاتفاق بنودًا تنص على إستئناف العلاقات “فورًا” بين البلدين، والترخيص للرحلات الجويّة المباشرة بينهما. وبالفعل، نجحت إسرائيل في بناء علاقة دبلوماسيّة مباشرة مع المغرب، بمجرّد توقيع الاتفاق، من خلال مكاتب اتصال متبادلة في الدولتين. و بعد ثلاث سنوات على توقيع اتفاقيّة التطبيع، بدا واضحًا فشل المخزن في حصد ثمار هذه الصفقة، على النحو الذي استهدفته عام 2020. فعند توقيع الاتفاق، دعم ترامب المقترح المغربي لتسوية النزاع حول الصحراء الغربيّة، وهذا ما يشبه الموقف الذي عبّرت عنه أساسًا الإدارات الأميركيّة السابقة، قبل التطبيع مع إسرائيل. لكنّ الولايات المتحدة الأميركيّة، وبخلاف الوعود التي قدّمها ترامب عند توقيع الاتفاق، لم تضغط لاحقًا كما يجب لتحريك ملف المفاوضات المرتبطة بالصحراء الغربيّة، وتنفيذ المقترح المغربي. بل وعلى العكس تمامًا، اكتفت الولايات المتحدة بدعم عمليّة السلام العالقة، التي تقودها الأمم المتحدة بشأن نزاع إقليم الصحراء الغربيّة والهادف الي تنظيم استفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي. أمّا تعهّد الولايات المتحدة بالتفاوض مع الأطراف الإقليميّة، لتطبيق حل “الحكم الذاتي”، فظلّ حبرًا على ورق. ومع خروج ترامب من البيت الأبيض، حاولت إدارة بايدن أن تنأى بنفسها عن مواقف وإلتزامات ترامب، بما فيها تلك التي قدّمها للمغرب عند توقيع اتفاق التطبيع. وفي الاخير لم يحقق مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي تطلعات الشعب المغربي الأمر الذي تحوّل لاحقًا إلى خيبة أمل في أوساط شريحة واسعة من الرأي العام المغربي خاصة بعد أحداث غزّة الصاخبة والدمويّة، لتؤجّج النزاع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل كبير والذي جعل المغاربة يخرجون في احتجاجات عارمة مطالبين فيها حكومة المخزن بإلغاء التطبيع مع الكيان الصهيوني .