لكن على الرغم من هذه الجهود، تستمر سلوكيات مدراء المؤسسات الثقافية القائمة على الشِلَلِيَّة والجهوية، وتغييب المتعاملين الثقافيين والمبدعين الحقيقيين، وغلق الأبواب في وجوههم وإقصائهم الدائم، مما يضيف إلى الركود والكرنفالية السلبية التي تعيق التقدم. هذه السلوكيات تأتي مصحوبة بمحاولات تحييد الإعلام عن دورها في تسليط الضوء على هذه المشكلات، مما يزيد من تفاقم الوضع.
خير مثال على هذا الوضع هو ما نراه في هذه الأيام بمناسبة ما يعرف بالمهرجان المحلي “قراءة في احتفال”، الذي تنظمه المكتبة العمومية الرئيسية للمطالعة، وغيرها من النشاطات. المكتبة التي تعد أكبر مكتبة في الجزائر من حيث الميزانية السنوية وعدد المكتبات البلدية الملحقة بها، تملك إمكانيات وهياكل يمكنها أن تحدث فعلًا ثقافيًا في أربع ولايات على الأقل، وليس ولاية واحدة فقط. ولكنها، للأسف، تسير برجل عرجاء نتيجة انعدام الأفق وغياب الرؤية الوازنة والمبادرات الخلاقة على مدار السنة كلها.
أسئلة تطرح نفسها
السؤال المطروح الآن: هل عجزت وزارة الثقافة والفنون عن تعيين إطارات يمكنها الاضطلاع بالمهام المنوطة بها؟ وهل يعاني القطاع من نقص في الإطارات القادرة على النهوض به؟ وهل قدر الجلفة هو تعيين المتردية والنطيحة من الإداريين الفاشلين؟
هل فشلت الوزيرة صورية مولوجي في هيكلة القطاع من الناحية الإدارية، بالرغم من استراتيجيتها الثقافية والمشاريع الوطنية التي أطلقتها والتي ثمنها المثقفون في أكثر من مناسبة على المستوى الوطني؟
إلى متى؟
إلى أن نجد إجابات لهذه الأسئلة، نبقى ننتظر أن تبادر الوزارة إلى تغيير المسؤولين العاجزين وتحارب الفساد الإداري المستشري في القطاع. نحن بحاجة إلى وقوف حازم ضد من يستفيدون من الريع الثقافي دون وجه حق ودون أداء أو مردود يذكر، بل ويعمدون إلى انحدار القطاع إلى الهاوية.
الإعلام ودوره المغيب
من الضروري أن يلعب الإعلام دوره الحيوي في تسليط الضوء على هذه المشكلات، بدلاً من تحييده وتهميشه. الإعلام النزيه هو عين المجتمع على الواقع، وصوت المبدعين والمثقفين، ومتابع دقيق للأحداث والتطورات. التوعية الإعلامية الحقيقية والشفافة هي أساس أي عملية إصلاحية ناجحة.
نأمل ألا نصبح على غد نأسف فيه على حال القطاع، ونحِنّ فيه إلى أيام مضت. إن الإصلاح الحقيقي يبدأ من مواجهة التحديات بشجاعة، وتعيين الكفاءات القادرة على إعادة الحيوية للمشهد الثقافي في ولاية الجلفة، مع ضرورة إشراك الإعلام في هذه العملية الإصلاحية.