أفردت افتتاحية مجلة الجيش الوطني الشعبي في عددها الأخير مساحة واسعة للحديث عن الاستعراض العسكري الذي نظمه الجيش يوم الفاتح نوفمبر 2024، احتفاءً بالذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية. وأبرزت الافتتاحية الرمزية الكبيرة لهذا الحدث الذي يعكس مدى التقدم والاحترافية التي وصل إليها الجيش الوطني الشعبي، ويُظهر جاهزيته التامة لحفظ أمن واستقرار الجزائر في وجه كل التحديات.
الاستعراض العسكري، الذي جاء متزامنًا مع أحد أعظم المحطات في تاريخ الجزائر، قدّم للعالم صورة حقيقية عن قدرات الجيش الوطني الشعبي. فقد أظهر المستوى العالي من الاحترافية والتنظيم التي وصل إليها الجيش، وهو ما أكده رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله:
“حرصنا أشد الحرص على أن يكون الاستعراض العسكري في مستوى أبعاد ورمزية الذكرى السبعين، وفاءً لتضحيات صانعيها، وعزيزًا للرابطة المقدسة بين الشعب وأبناء الجيش الوطني الشعبي”.
وشدد الرئيس على أن الجيش يجسد الإرث النضالي للشهداء الأبرار، بعمله الدؤوب والتزامه الثابت في الدفاع عن سيادة البلاد وأمنها.
الافتتاحية سلطت الضوء على الحضور اللافت للاستعراض العسكري، الذي جمع بين رمزية الزمان والمكان والرسائل القوية الموجهة داخليًا وخارجيًا. فهو لم يكن مجرد استعراض تقني، بل رسالة مفادها أن الجزائر ماضية في تحقيق نهضتها، مستندة إلى جيش قوي وواعٍ بدوره كحامٍ للسيادة الوطنية.
الحدث شكل فرصة لتأكيد مكانة الجيش كعمود فقري للأمن الوطني وصمام أمان الجزائر، بفضل ما يمتلكه من موارد بشرية وكفاءات عالية، وعتاد متطور يُبرز الأشواط الكبرى التي قطعها في مجال التحديث والعصرنة.
رئيس الجمهورية خص الجيش الوطني الشعبي وكل الأسلاك الأمنية المرابطة على الحدود وفي الداخل، بتحية تقدير واعتزاز، مثمنًا جهودهم في الذود عن حياض الوطن. كما أشار إلى أهمية الدور الكبير الذي يلعبه الجيش في الحفاظ على استقرار البلاد، معربًا عن ثقته في استمرار التزامهم في صون ودائع الشهداء وحماية مكتسبات الثورة التحريرية.
الفريق أول السعيد شنڤريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أكد أن تنظيم هذا الاستعراض العسكري جاء ليكون في مستوى الذكرى السبعين للثورة التحريرية، وقال في هذا الصدد:
“إنها مناسبة لتجديد عهد الوفاء لأبطالنا الأشاوس، بتعزيز قدراتنا الدفاعية ومناعتنا الأمنية، واستعدادنا لمواجهة أي تهديد مهما كان مصدره”.
الافتتاحية ربطت بين جاهزية الجيش وتطور القطاعات الأخرى في البلاد، مشيرة إلى أن الاستعراض العسكري عكس الجهود المبذولة في كافة المجالات لبناء الجزائر الجديدة. فمن الاقتصاد إلى التكنولوجيا، ومن الدبلوماسية إلى التنمية الاجتماعية، تشهد البلاد حركة نهضة شاملة تعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
هذا الزخم التنموي يتناغم مع التحولات الاستراتيجية التي تعرفها البلاد، حيث يهدف إلى تحسين معيشة المواطن وتعزيز استقرار الدولة، وهو ما يتجلى في المشاريع الكبرى التي انطلقت، والبرامج التنموية الطموحة التي يتم تنفيذها.
افتتاحية المجلة لم تغفل التأكيد على أهمية تحمل الجميع لمسؤولياتهم من أجل تحقيق أهداف البلاد. فقد أكدت أن الجزائر اليوم تواجه عالمًا مليئًا بالتحديات، يتطلب التكاتف والعمل بروح وطنية عالية لمواجهة الأخطار وبناء مناعة دفاعية واقتصادية قوية.
وأشارت إلى أن جيشنا الوطني الشعبي، باعتباره مصدر فخر لكل جزائري، لن يتوانى في أداء واجباته. كما دعت الشعب إلى الاستلهام من قيم الثورة التحريرية والوقوف صفًا واحدًا خلف مؤسساته لتحقيق المزيد من الإنجازات.
خلصت الافتتاحية إلى أن الاستعراض العسكري للفاتح نوفمبر 2024 لم يكن مجرد احتفالية رمزية، بل محطة بارزة في تاريخ الجزائر الحديث، تُظهر قوة الجيش الوطني الشعبي كعمود فقري للأمن والاستقرار، وتعكس عزم الدولة الجزائرية على مواصلة مسيرة البناء والنهضة في ظل رؤية متكاملة تشمل جميع القطاعات. الجزائر الجديدة القوية والمزدهرة هي هدف مشترك لكل أبنائها المخلصين، وهو ما يضع الجميع أمام مسؤولية تحقيق هذا الحلم الوطني الكبير.