أجرى رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون اليوم، الأحد، تعديلًا حكوميًا واسعًا شمل تغييرات جوهرية في عدد من الحقائب الوزارية، مع إدماج بعض القطاعات واستحداث وزارات جديدة، في خطوة تعكس سياقًا سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا متشابكًا تمر به البلاد.
أبرز ما حمله التعديل هو تعيين سيفي غريب رئيسًا للوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة، مع دخول عشرة وزراء جدد إلى التشكيلة التنفيذية. وقد فقد وزير الاتصال السابق محمد مزيان منصبه ليخلفه زهير بوعمامة، في حين شملت التغييرات وزارات الثقافة والفنون، الفلاحة، المجاهدين وذوي الحقوق، والأشغال العمومية. كما تم دمج وزارة الداخلية والجماعات المحلية مع التهيئة العمرانية والنقل، وهو ما يشير إلى توجه نحو إعادة ترتيب هيكل الدولة من حيث الصلاحيات وتجاوز التداخلات التي كانت محل انتقاد سابقًا.
ومن أبرز المستجدات أيضًا، تعيين مراد عجال وزيرًا للطاقة والطاقات المتجددة بعد فصل هذه الحقيبة عن وزارة المحروقات والمناجم. هذه الخطوة تُفهم باعتبارها رسالة سياسية واقتصادية تعكس رغبة الدولة في إعطاء دفع أكبر لملف الانتقال الطاقوي وتوسيع استثماراتها في مجال الطاقات النظيفة.
في المقابل، حافظ الوزراء المكلفون بالمالية والتجارة الخارجية على مناصبهم، وهو ما يترجم إرادة في الحفاظ على استقرار السياسات الاقتصادية والمالية في ظرف حساس. أما الحقائب السيادية فقد بقيت على حالها، ما يعكس تمسك السلطة ببعض الأعمدة الثابتة التي تُعد خطًا أحمر في معادلة الحكم.
التغيير الحكومي يطرح جملة من الدلالات: فمن جهة، يُقرأ كاستجابة لضغط اجتماعي واقتصادي متزايد ناجم عن ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع القدرة الشرائية ومطالب بتحسين الخدمات. ومن جهة أخرى، يمثل محاولة لإعطاء صورة جديدة للحكومة، قد تُسهم في استعادة ثقة الشارع وتحسين الأداء الإداري.
غير أن التساؤلات تبقى قائمة: هل يكفي تغيير الأسماء لتحقيق إصلاح فعلي؟ هل التشكيلة الجديدة قادرة على مواجهة البيروقراطية ومقاومة الأجهزة غير الفعالة؟ وهل ستترجم هذه القرارات بإجراءات ملموسة، أم أنها ستبقى مجرد عملية تجميل سياسي؟
كما يترقب متابعون ما إذا كان التغيير سيمتد إلى ملفات حساسة مثل حرية التعبير والإعلام الرقمي، خصوصًا مع دخول وزير اتصال جديد إلى الواجهة.
في المحصلة، التعديل الحكومي الحالي خطوة سياسية بارزة تحمل آمالًا وتحديات في آن واحد، والرهان الحقيقي سيبقى على النتائج الملموسة في الاقتصاد، في تحسين الخدمات، في محاربة الفساد، وفي إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع.